ذكر تنظيم هيئة الدولة ورسوم المُلك …

ذكر تنظيم هيئة الدولة ورسوم الملك
لما تمّت بيعة الأمير واستقام له الأمر، اتخذ الآلة ورتّب الحاشية وعيّن رجال الدولة.
فاستوزر محمد بن العريبي، واستكتب ابن عمه السيّد أحمد بن علي أبي طالب، والسيّد الحاج مصطفى بن التهامي، والسيّد الحاج محمد الحروبي. وعيّن لجابته محمد بن علي الرحاوي، وولى الحاج الجيلاني بن فريحة ناظر خزينة المملكة، ومحمد بن فاخة ناظر الخزينة الحاصة، والحاج الطاهر أبو زيد ناظرًا على الأوقاف، والسيّد الحاج الجيلاني العلوي مأمورًا على الأعشار والزكاة بأنواعها.
وعيّن لنظارة الأمور الخارجية الحاج الميلود بن عراش. ونظّم الحاشية، وأقام كل فرد منها في مقام يخصّه، ورسم له أثرًا يقصّه. وبثّ العمال والقضاة في سائر الجهات، ورتّب مجلسًا للشورى يشتمل على أحد عشر عضوًا من أجلّة العلماء، وجعل رئاسته للعلّامة قاضي القضاة السيّد أحمد بن الهاشمي المراحي. ودوّن الدواوين، وطفق يردّ على الناس ما اختلسه بعضهم من بعض، وينصفهم فيما وقع بينهم من أنواع المظالم والتعديات أيام الفتنة، ويهدم ما كانت الحكومة الجزائرية أسسته من المغارم والضرائب والعوائد. فطار بذلك ذكره وانتشر في المغرب الأوسط أمره.
وحيث إن أهل غريس هم دعاة هذه الإمارة القادرية والقائمون بأمرها، اختار الأمير مدينة معسكر لإقامته، فجعلها عاصمة مملكته تأنيسًا لهم وتطيبًا لنفوسهم. فهذه البلدة هي بيضته، التي كانت منها حركته ونهضته، وفيها كان أولًا قراره، وبأنجادها كمُل أمره، وأينع آسه وعَرارُه…
المَصْدَرُ: «تُحْفَةُ الزَّائِرِ»، المَخْطوطَةُ الأَثَرِيَّةُ المُتْحَفِيَّةُ المَحفوظَةُ في إِسْطَنبول، الَّتِي تُوَثِّقُ بِدِقَّةٍ مَحَطَّاتِ الأَمِيرِ عَبْدِ القَادِرِ…