مؤسسة الأمير عبد القادر الجزائري الدولية للثَّقافة والتُراث
مُؤَسَّسَةُ الأَمِيرِ عَبْدِ القَادِرِ الحَسَنِيِّ الدُّوَلِيَّةُ…
مُؤَسَّسَةٌ ثَقَافِيَّةٌ،اِجْتِمَاعِيَّةٌ، فِكْرِيَّةٌ،تَسْعَى إِلَى الإِسْهَامِ فِي صُنْعِ ثَقَافَةِ السِّيَاسَاتِ العَامَّةِ، وَرَفْعِ صَوْتِ المُجْتَمَعِ المَدَنِيِّ فِي المُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ الثَّقَافِيَّةِ،وَالسِّيَاسِيَّةِ، وَالاجْتِمَاعِيَّةِ…
أُشْهِرَتِ المُؤَسَّسَةُ بِالقَرَارِ رَقْمَ (١٤٧١)، بِتَارِيخِ سَنَةِ ٢٠٠٩م، الصَّادِرِ عَنْ وِزَارَةِ الشُّؤُونِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ وَالعَمَلِ، وَقَدْ جُعِلَ مَقَرُّهَا فِي إِحْدَى أَهَمِّ الدُّورِ التَّارِيخِيَّةِ لِلأَمِيرِ، وَذَلِكَ فِي حَيِّ العِمَارَةِ الجَوَّانِيَّةِ، أَعْرَقِ أَحْيَاءِ مَدِينَةِ دِمَشْقَ القَدِيمَةِ، فِي زُقَاقِ نَقِيبِ الأَشْرَافِ…
– سَعَى فِي تَأْسِيسِهَا، وَوَضْعِ أَهْدَافِهَا وَمَهَامِّهَا، وَاسْتِصْدَارِ تَرْخِيصِهَا وَتَثْبِيتِ مَقَرِّهَا فِي دَارِ الأَمِيرِ، رَكْبٌ مِنَ العُلَمَاءِ وَالمُثَقَّفِينَ وَالبَاحِثِينَ،تتقدّمهم سفارة الجزائر بدمشق وَالأَمِيرُ بَشَّارُ بْنُ كَاظِم بْنِ الأَمِيرِ مُحَمَّد بَاشَا صَاحِبِ تُحْفَةِ الزَّائِرِ، وَالأَمِيرُ جَعْفَرُ الحَسَنِيُّ، وَفَضِيلَةُ الشَّيْخِ الدُّكْتُورِ مُحَمَّد مُعْتَزِّ السَّبِيني، وَالدُّكْتُورُ مُحَمَّد القُرْبِي، وَالسَّيِّدُ مَحْمُودُ حَلَاوَةَ، وَغَيْرُهُمْ…
وَقَدْ بَذَلَ هَؤُلَاءِ العُلَمَاءُ مَا أَمْكَنَهُم مِنْ جُهُودٍ وَسَعْيٍ دَؤُوبٍ، حَتَّى أَثْمَرَتْ تِلْكَ المَسَاعِي إِعْلَانَ حَفْلِ الإِشْهَارِ وَوِلَادَةَ المُؤَسَّسَةِ فِي سَنَةِ ٢٠٠٩م…
وَمُنْذُ ذَلِكَ التَّارِيخِ، انْطَلَقَتِ المُؤَسَّسَةُ تَتَلَمَّسُ طَرِيقَهَا، وَفِيَّةً لِمَهَامِّهَا وَأَهْدَافِهَا، سَاعِيَةً بِكُلِّ إِمْكَانَاتِهَا وَطَاقَاتِ أَعْضَائِهَا لِبَعْثِ فِكْرِ الأَمِيرِ عَبْدِ القَادِرِ، القَائِمِ عَلَى مَبْدَأ مُقَاوَمَةِ الظُّلْمِ وَالظَّالِمِينَ، وَالتَّسَامُحِ، وَالتَّعَايُشِ، وَاحْتِرَامِ الإِنْسَانِ بِمَذَاهِبِهِ وَمَشَارِبِهِ…
أهدافُ مُؤَسَّسَةِ الأَمِيرِ عَبْدِ القَادِرِ الحَسَنِيِّ الدُّوَلِيَّةِ
أَوَّلًا: رِعَايَةُ الإِرْثِ الثَّقَافِيِّ لِلأَمِيرِ عَبْدِ القَادِرِ الحَسَنِيِّ
وَذَلِكَ بِإِنْشَاءِ دَارٍ ثَقَافِيَّةٍ تَحْمِلُ اسْمَ دَارِ الثَّقَافَةِ الهَاشِمِيَّةِ، يَكُونُ مَقَرُّهَا فِي قَصر الأَمِيرِ عَبْدِ القَادِرِ بِـحَيِّ العِمَارَةِ فِي دِمَشْقَ الشَّامِ، ذَلِكَ الدَار الَّذِي انْطَلَقَتْ مِنْهُ المَنَارَةُ الأُولَى لِوَأْدِ نَارِ الفِتَنِ التَّارِيخِيَّةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَالمَسِيحِيِّينَ، وَخُصُوصًا فِي أَحْدَاثِ عَامِ ١٨٦٠م بِدِمَشْقَ…
وَمِنْ ثَمَّ، تَصَدَّى الأَمِيرُ لِكَثِيرٍ مِنَ الفِتَنِ وَمَحَاوِلَاتِ التَّآمُرِ عَلَى وَحْدَةِ الأُمَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ…
وَفِي هَذِهِ الدَّارِ، نَقَشَ الأَمِيرُ عَلَى جُدْرَانِ مَكْتَبَتِهِ الخَاصَّةِ عَلَمَ الدَّوْلَةِ الجَزَائِرِيَّةِ، إِلَى جَانِبِ رَايَاتِ القَبَائِلِ الجَزَائِرِيَّةِ إِبَّانَ حُقبته التَّارِيخِيَّةِ.
إِنَّ تَمَيُّزَ دَارِ الأَمِيرِ فِي حَيِّ العَمَارَةِ، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ مَقَرٍّ سَكَنِيٍّ، بَلْ كَانَ مَزَارًا وَمَقَرًّا لِكِبَارِ عُلَمَاءِ الدِّينِ وَالزَّعَامَاتِ الأُمَمِيَّةِ فِي القَرْنِ التَّاسِعِ عَشَرَ، حَيْثُ كَانَتْ تُعْقَدُ فِيهِ المُشَاوَرَاتُ السِّيَاسِيَّةُ وَالثَّقَافِيَّةُ، وَيَزْدَحِمُ بِأَعْلَامِ الفِكْرِ وَالأَدَبِ مِنْ مُخْتَلِفِ أَنْحَاءِ العَالَمِ.
وَمِمَّنْ زَارَ المَقَرَّ مِنَ الشَّخْصِيَّاتِ العَالَمِيَّةِ البَارِزَةِ، كَمَا جَاءَ صَرِيحًا فِي مَخْطُوطَاتِ التَّارِيخِ: رَئِيسَانِ مِنَ الوِلَايَاتِ المُتَّحِدَةِ الأَمِيرِكِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَلَى رَأْسِ السُّلْطَةِ عِنْدَ زِيَارَتِهِمَا
-وَلِيُّ عَهْدِ رُوسْيَا، مُمَثِّلًا لِلإِمْبِرَاطُورِ، وَهُوَ الغْرَانْدُوق قُسْطَنْطِين، شَقِيقُ الإِمْبِرَاطُورِ أَلِكْسَنْدَر الثَّانِي…
-إِمْبِرَاطُورُ أَلْمَانْيَا فِيلْهِلْم الثَّانِي…
-فُؤَادُ بَاشَا،وَزِيرُ دِفَاعِ الدَّوْلَةِ العُثْمَانِيَّةِ…
-الزَّعِيمُ اللُّبْنَانِيُّ أَحْمَدُ الصُّلْحُ، الَّذِي حَمَلَ رِسَالَةً إِلَى الأَمِيرِ مِنْ زُعَمَاءِ لُبْنَان…
وَكَانَتْ دَارُ الأَمِيرِ تَعُجُّ دَوْمًا بِالأُدَبَاءِ وَالعُلَمَاءِ وَأَهْلِ الفِكْرِ مِنْ جَمِيعِ أَصْقَاعِ الأَرْضِ.
إِنَّ هَذَا المَقَرَّ لَا يُعَدُّ مُجَرَّدَ مَبْنًى أَثَرِيٍّ، بَلْ هُوَ رَمْزٌ حَيٌّ لِقِيَمٍ كُبْرَى، مِثْلَ:الإِنسَانِيَّةِ، وَالتَّسَامُحِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَالوَحْدَةِ بَيْنَ المَذَاهِبِ وَالطَّوَائِفِ وَالأُمَمِ.
وَمِنْ هُنَا، فَإِنَّ الحِفَاظَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ ثَقَافِيٌّ وَتَارِيخِيٌّ، لَا يَقِلُّ أَهَمِّيَّةً عَنْ حِفْظِ المَخْطُوطَاتِ وَالنُّصُوصِ التُّرَاثِيَّةِ…
وَقَدْ شَهِدَ هَذَا القَصْرُ أَيْضًا أَحْدَاثًا مِفْصَلِيَّةً فِي تَارِيخِ سُورِيَا المُعَاصِرِ، وَمِنْ أَبْرَزِهَا:
رَفْعُ أَحْفَادِ الأَمِيرِ عَبْدِ القَادِرِ أَوَّلَ عِلْمٍ عربي لِلاِسْتِقْلَالِ السُّورِيِّ عَامَ 1918م، إِذْ أَخْرَجَهُ الحَفِيدُ الشَّهِيدُ عَبْدُ القَادِرِ الحَسَنِيُّ الجَزَائِرِيُّ، مَعَ شَقِيقِهِ الأَمِيرِ سَعِيدٍ الحَسَنِيِّ الجَزَائِرِيِّ، أَوَّلِ حَاكِمٍ عَرَبِيٍّ فِي دِمَشْقَ، وَهُوَ مَنْ أَعْلَنَ مِيلاد الِاسْتِقْلَالَ السُّورِيَّ الأول …
كَمَا أَنَّ الاِحْتِلَالَ الفَرَنْسِيَّ الغَاشِمَ، فِي عَامِ 1925م، قَامَ بِنَصْبِ المَدْفَعِيَّةِ الحَارِقَةِ الثَّقِيلَةِ عَلَى جَبَلِ قَاسِيُونَ، وَقَصَفَ مَنَازِلَ دِمَشْقَ، مِمَّا أَدَّى إِلَى اِحْتِرَاقِ ثُلُثِ المَدِينَةِ القَدِيمَةِ، فِي مُحَاوَلَةٍ لِإِخْمَادِ الثَّوْرَةِ العَرَبِيَّةِ الكُبْرَى، بِقِيَادَةِ سُلْطَانِ بَاشَا الأَطْرَشِ، وَالَّذِي رَافَقَهُ الأَمِيرُ طَاهِرُ الحَسَنِيُّ،حَفِيدُ الأَمِيرِ عَبْدِ القَادِرِ الَّذِي كَانَ مِنَ الرُّمُوزِ البَارِزَةِ فِي الثَّوْرَةِ السُّورِيَّةِ الكُبْرَى، وَقَدْ كَانَ لِهَذَا القَصْرِ شَرَفُ اِحْتِضَانِ اِجْتِمَاعِ وَجْهَاءِ ثُوَّارِ الشَّامِ، حَيْثُ عُقِدَ مِيثَاقُ هُدْنَةٍ مَعَ الجِنْرَالِ الفَرَنْسِيِّ سَرَاي، أَفْضَى إِلَى وَقْفِ القَصْفِ وَالمَدْفَعِيَّةِ الحَارِقَةِ…
ثَانِيًا: التَّعْرِيفُ بِفِكْرِ الأَمِيرِ المُتَسَامِحِ وَنِضَالِهِ التَّارِيخِيِّ، مُنْذُ تَأْسِيسِ الدَّوْلَةِ الجَزَائِرِيَّةِ الحَدِيثَةِ، وَحَتَّى وَفَاتِهِ فِي دِمَشْقَ الشَّامِ، وَالْعَمَلُ عَلَى إِحْيَاءِ الثَّقَافَةِ العَرَبِيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ أَقْطَارِ الأُمَّةِ الْوَاحِدَةِ…
وَيَتِمُّ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ تَفْعِيلِ اللِّقَاءَاتِ وَالنَّشَاطَاتِ الفِكْرِيَّةِ الَّتِي تَدْعُو إِلَى التَّسَامُحِ، وَنَبْذِ التَّطَرُّفِ العُنْصُرِيِّ وَالمَذْهَبِيِّ، وَفْقَ المَبَادِئِ الَّتِي سَعَى الأَمِيرُ عَبْدُ القَادِرِ إِلَى إِحْيَائِهَا، وَالمُسْتَمَدَّةِ مِن مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ السَّمْحَاءِ…
كَمَا تَسْعَى المُؤَسَّسَةُ إِلَى إِظْهَارِ الجَوَانِبِ الحَسَّاسَةِ وَالمَوَاقِفِ الحَرِجَةِ فِي مِسِيرَةِ الأَمِيرِ، مِمَّا يُمْكِنُ لِلأُمَّةِ اليَوْمَ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنْهُ، فِي وَقْتٍ أَصَابَهَا فِيهِ مَا أَصَابَهَا مِن فُرْقَةٍ، وَتَشَتُّتٍ، وَضَيَاعٍ…
ثَالِثًا: إِعَادَةُ تَصْنِيفِ تَارِيخِ الأَمِيرِ عَبْدِ القَادِرِ وَدِرَاسَتِهِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ،وَتَشْجِيعُ البَاحِثِينَ وَطُلَّابِ الدِّرَاسَاتِ العُلْيَا عَلَى تَوْجِيهِ جُهُودِهِم نَحْوَ تُرَاثِ الأَمِيرِ، وَلَفْتِ أَنْظَارِهِم إِلَى النِّقَاطِ الهَامَّةِ وَالمَوَاضِيعِ المُتَّصِلَةِ بِتَخَصُّصَاتِهِم، بِغَرَضِ دِرَاسَتِهَا وَبَيَانِ قِيمَتِهَا الفِكْرِيَّةِ وَالتَّارِيخِيَّةِ…
وَإِنَّ المُؤَسَّسَةَ،إِذْ تَضْطَلِعُ بِهَذِهِ المَهَامِّ، وَتَضَعُ عَلَى عَاتِقِهَا حَمْلَ الأَمَانَةِ فِي هَذَا التُّرَاثِ الجَلِيلِ، فَإِنَّهَا تَتَعَهَّدُ بِبَذْلِ طَاقَاتِهَا فِي سَبِيلِ تَمْكِينِ الرَّاغِبِينَ مِنَ الِاطِّلَاعِ عَلَى تُرَاثِ الأَمِيرِ، وَتَفَاصِيلِ المَرْحَلَةِ التَّارِيخِيَّةِ الَّتِي عَاشَ فِيهَا، رَاجِيَةً تَحْقِيقَ الهَدَفِ المَنْشُودِ الَّذِي تَسْعَى إِلَيْهِ دَوْمًا…
إِنَّ العَمَلَ المُؤَسَّسِيَّ الثَّقَافِيَّ يَتَطَلَّبُ خُطَّةَ عَمَلٍ وَاضِحَةً تَضْمَنُ لَهُ الِاسْتِمْرَارَ وَالبَقَاءَ، وَهَذَا مَا سَعَيْنَا إِلَيْهِ مُنْذُ البِدَايَةِ، حِينَ جَعَلْنَا أَسْمَى مَهَامِّنَا: إِحْيَاءَ فِكْرِ الأَمِيرِ عَبْدِ القَادِرِ، ذَلِكَ الفِكْرُ الَّذِي كَانَ جَامِعَةً كُبْرَى، وَحُضُورُهُ كَانَ فَاعِلًا فِي كُلِّ مَجَالَاتِ الحَيَاةِ…
لَقَدْ آنَ الأَوَانُ لِلِاسْتِفَادَةِ مِنْ فِكْرِ الأَمِيرِ وَتَجْرِبَتِهِ الرَّائِدَةِ، فِي وَقْتٍ يَتَخَبَّطُ فِيهِ العَالَمُ العَرَبِيُّ وَالإِسْلَامِيُّ فِي وَيْلَاتِ الحُرُوبِ وَالطُّغْيَانِ السِّيَاسِيِّ…
وَلِذَلِكَ كَانَتْ مُهِمَّتُنَا وَمَا زَالَتْ تَتَرَكَّزُ فِي اسْتِلْهَامِ فِكْرِ الأَمِيرِ، وَمَوَاقِفِهِ، وَتَجَارِبِهِ، وَسِيرَتِهِ الحَيَاتِيَّةِ، تِلْكَ السِّيرَةُ الَّتِي سَبَقَتْ عَصْرَهَا بِمَرَاحِلَ، وَتَقَدَّمَتْهُ فِي كُلِّ المَجَالَاتِ: الدِّينِيَّةِ، وَالسِّيَاسِيَّةِ، وَالاجْتِمَاعِيَّةِ، وَالفِكْرِيَّةِ، وَالِاقْتِصَادِيَّةِ…
