التاريخ والماضي

أقصر المعارك في القرن التاسع عشر بشمال إفريقيا …

أقصر المعارك في شمال إفريقيا إبان الغزو الفرنسي…

نذكر للتذكير أقصر المعارك في التاريخ الحديث:

-أوّلها الحرب الإنجليزية الزنجبارية، التي وقعت في 27 أغسطس 1896م بين المملكة المتحدة وزنجبار، ولم تَدم سوى أربعين دقيقة.

-ثم معركة إسلي، التي لم تتجاوز يومًا واحدًا.

-ثم معركة قسنطينة، التي استمرّت ثلاثة أيّام…

من المعارك التي سجَّلها التاريخ: كانت مع الفرنسيين، متمثلةً في معركة إيسلي على أطراف وجدة، والتي جرت بين قوات مراكش بقيادة سلطان مراكش عبد الرحمن بن هشام، وبين القوات الفرنسية بقيادة الجنرال بيجو. وقد تم تضخيم صيت هذه المعركة وزخمها في التاريخ، دون الالتفات إلى قصر زمنها وصغر حجمها.

فقد تولّى محمد الرابع قيادة عشرين ألف جندي بالوكالة عن أبيه، الذي أقام هذا الحشد والمعركة لتهدئة هيجان الشارع في الريف المغربي ضد الغازي. واشتبكت جيوش مراكش مع عشرة آلاف من الفرنسيين ليوم واحد فقط، وكانت الغلبة لجيش بيجو، وفرّ محمد الرابع تاركًا شمسية الإمارة وأسلحته على الأرض.

وعلى إثر ذلك، قام سلطان مراكش بإبرام ما يُسمّى عادةً معاهدة، وإن كان من الأصح عدم تسميتها بهذا الاسم، لافتقادها لأبسط شروط المعاهدات المعروفة، التي تتطلب وجود حزمة من القرارات والشروط لكل طرف تجاه الطرف الآخر. إذ كانت “معاهدة طنجة” المرتبطة بمعركة إيسلي خالية تمامًا من شروط الطرف المراكشي.

الأصح أن تُسمّى هذه الوثيقة حزمة أوامر تنفيذية من الفرنسيين، قام أبي سلهام آزطوط، عامل طنجة، بتوقيعها نيابةً عن مولى إيالة مراكش. وكان أبرز هذه الأوامر:

1. شن الحرب على الأمير عبد القادر والقبائل المغربية المناصرة له، ومحاصرتهم مع جيوش الفرنسيين.

2. إسقاط الأموال المفروضة على الدانمارك والسويد، التي كانت تُدفع سنويًا إلى الدولة العلية العثمانية عبر مولى مراكش، وهي شناعة ثانية لا تقل عن الأولى.

وقد سعت المناهج التعليمية إلى تسويق هذه العمالة للفرنسيين ضد الأمير عبد القادر، وتبرير إسقاط الأموال عن دول أوروبا، على أن مولى مراكش بمكره هذا جنّب المغرب الأقصى الوقوع تحت الاحتلال. لكن الواقع التاريخي أظهر أن العمالة لم تنفع شيئًا، فقد سجل التاريخ الاحتلال الفرنسي للمغرب فيما بعد، وهنا صدق الأمير عبد القادر فيما قال:

الخذلان هذا لا بد عاجلاً أم آجلاً أن يصلكم بلاؤه، وقد تحقق ذلك بالفعل.

ولا يُصدّق أحد مزاعم المناهج التعليمية، التي يكشفها المؤرخ المغربي الأقصى الناصري في الصفحة 53 من فصله التاسع، نقلاً عن الفرنسيين أنفسهم، بأنهم لم يكونوا راغبين في احتلال أراضي إيالة مراكش آنذاك، احترامًا للمعاهدة الفرنسية-البريطانية بعد تملكهم المغرب، والاكتفاء بإرعابه فقط.

أما عن الينبوعي، فهو لقب قبلي لحسن الداخل جد عبد الرحمن، مولى مراكش، نسبةً إلى ينبع النخل، المنطقة التي جاء منها وفد حجيج مغاربة من سجلماسة قرابة القرن الثالث عشر الميلادي، بهدف نقل خبرتهم في زراعة النخل وفن الاعتناء بثمار النخل.

الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى،أعظم الشهادات في حقك التي تأتي من عدوك …

– نذكر هنا من المصادر بأن معركة واحدة من معارك الأمير عبد القادر كانت إحدى نتائجها هذا المبلغ ،👇

(مقتل أربعة ألاف غازي فرنسي في معركة واحدة من معارك الأمير عبد القادر بن محيي الدين)

 

 

الأوامر الفرنسية للمغرب…

مقاومة الحاج أحمد باي في قسنطينة، كما وردت في مذكّراته ومذكّرات شهود عصره…

كانت المعركة الأولى دفاعية، اندلعت بين 21 و24 نوفمبر 1836م، واستمرّت ثلاثة أيّام. أمّا المعركة الثانية فكانت في 10 أكتوبر 1837م، وانتهت في 13 منه بعد ثلاثة أيّام بتسليم المدينة وأمانها، وقد تجنّب الباي في كلتا المعركتين قيادتها والمشاركة فيها بنفسه، إذ سارع إلى مغادرة أسوار قسنطينة قبل اندلاع القتال. ومن ثَمَّ فإنّ بطولة قسنطينة لا تُنسَب إلى شخص الباي لاختفائه عنها، بل إلى البطلَين الجزائريَّين: الشهيد ابن البجاوي، قائد عسكر قسنطينة، وعلي بن عيسى، اللذين كانا بمثابة العمود الفقري للمدينة، وقد سطّرا، بفضل تحصينات أسوار قسنطينة المنيعة، دفاعًا باهرًا.

مذكرات الحاج أحمد باي …

قادة المعركة…

 

نخبة ما تسر به النواظر…

يشترك الحاج أحمد باي مع عبد الرحمن بن هشام في عدم موالاتهم الأمير عبد القادر في زمانهم ومكانهم ضد الغازي، ومع ذلك فإن الباي ظهر في موقف أكثر رجولةً وأفضل من مولى مراكش، لمحاولة الباي أكثر من مرة المقاومة، واعترافه في مذكراته بخطئه الفادح الذي ارتكبه حين أنصت إلى أخواله في التمرُّد على أوامر الحكومة الجزائرية،وعدم الانصياع تحت لواء جيشها وأميرها، والاعتراف بالغلط فضيلة، وكذلك لم يُسجِّل تاريخُه أنه شارك المحتل أو آزَرَه، كما فعل الينبوعي مولى مراكش

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى