ما عقدَ هذه المُقاربة حادثتان متشابهتان،الأولى عام 1860م، حين وقعتْ مجزرةٌ بحقِ المسيحيين السوريين في ولاية الشام العثمانية آنذاك،كانت بلد إسلامي يسكنه مواطنون عرب مسيحيون،والحادثة الثانية عام 2019م ،حين وقعت مجزرةٌ بحق المسلمين في نيوزلندا،وهي بلد مسيحي فيه مواطنون مسلمون،ففي الحادثة الأولى استطاعَ الأمير عبد القادر حماية المسيحيين من الموت المحتم في أعقاب فتنة عام 1860م، وقد كُرمَ في ربوع الخلافة العثمانية في مراسم رسمية تقديراً لصنيعه الإنساني الكبير، كما كرمته روسية القيصرية،ومملكة اليونان،ومملكة ألمانيا وإيطاليا والفاتكان وبريطانيا، ضمن عدة دول منها مسلمة ومسيحية، وتَضَمَّن شعار احدى تلك الدول ما يُشبه الصليبْ،ومن هنا تصيَّد وتَكَهَّنَ الموتورون هذا المشهد،ورَمَوا الأمير بتهمٍ باطلةٍ منها؛ أنه ماسوني،وذلك لقبوله،وساماً يتضمن تلك، الشعارات،ولكن التاريخ أنصفَ الأمير عبد القادر حين أشاد بصنيعه الإنسانيّ النابع من روح الدّين الإسلاميّ،وأما في الحادثة الثانية عام 2019م فإن رئيسة وزراء نيوزلندا التي ارتدت الحجاب الإسلامي تقديراً لمشاعر المسلمين عَقِبَ مذبحة يوم الجمعة،واستشهدت ببعض الأحاديث النبوية أمام جميع وسائل الإعلام فإنها لم تُتَّهم في دينها أو ولائها لدولتها،مع أنها لم تستطع منع إراقة ما أُريق من دماء المسلمين المواطنين في نيوزلندا
بل حمل ارتداؤها للحجاب على أنه سلوكٌ إنساني نبيلٌ يدلّ على إنكارها الجريمة وتعاطفها مع المسلمين المنكوبين،وكذلك فعل الأمير حينها، مع أنها لو استطاعت أن تفعل في نيوزيلندا ما فعله الأمير في فتنة بلاد الشام تجنيب المواطنين المسلمين من وقوع المجزرة لكُرمِت من دول أو جمعيات إسلامية عالمية بمنحها أوسمة وشعارات يمكن أن تتضمن الهلال أو صورة للكعبة أو رمزاً إسلاميا لبلد مسلم مثلا، بقي أن نلفتْ الانتباه إلى أن الأمير عبد القادر قد التقطت له هذه الصورة وهو في حفل التكريم،وليس كشعار يعتز به،وفي ذلك دلالة على أن الإنسانية ولدت مع فجر رسالتنا،
وكان هذا الموقف النبيل من الأمير مما أثار حالة من التعجب عند الملكة فكتوريا ملكة بريطانيا آنذاك، وهي تنظر إلى الأمير المجاهد عبد القادر أنه عدو للغرب، مما جعله ينتزع منها إعجابها،ويسجل ذلك له في سفر التاريخ الإنساني، لقد حان الوقت أن يفهم المتطرفون الغُلاة أن من آمن بالله حق الإيمان لا يضره أنه يحترم معتقدات الآخرين…