نُخبة ما تسر به النواظر …
تحفة الزائر…
وكتب إلى جيوشه في تلك الجهات، يتشوق إليهم، ويمدحهم، فقال: يا أيها الريح الجنوب تحمَّلي منّي تحيَّة مغرم وتجمَّل
وأقرِ السلام أهيلَ ودِيّ وانثري من طيب ما حملت ريح قرنفُلِ
حلّي خيام بني الكرام وخبِّري أني أبيت بحرقةٍ وتبلبلِ
ألف السهاد لبينكم وفراقكم عني غدا طيب المنام بمعزلِ
كم ليلة قد بتها متهولاً كمبيت أرمد في شقا وتململِ
سهران ذو حزنٍ تطاول ليله فمتى أرى ليلي بوصلي ينجلي
ماذا يضرُّ أحبتي لو أرسلوا طيفَ المنام يزورني بتمثُّلِ
كلُّ الذي ألقاه في جنب الهوى سهلٌ سوى بَيْنِ الحبيب الأفضلِ
أدي الأمانة يا جنوب ورغبتي في جمع شملي يا نسيم الشمألِ
واهدي إلى مَن بالرياض حديثهم أذكى وأحلى من رياح قرنفُلِ
تهدي إليَّ ظرائفاً وطرائفاً ولطائفاً بتعطّرٍ وتعسُّلِ
حاولت نفسي الصبر عنهم قيل لي مهْ ذا محال عنه ويك تحولِ
كيف التصبّر عنهم وهمُ همُ أرباب عهدي والعقود الأولِ
أيحلُّ ريبُ الدهر ما عقدوا وكم حلَّت عقودي بالمنا المتخيَّلِ
تفديهم نفسي ونفدي أرضهم أزكى المنازل يا لها من منزلِ
أفدي أناساً ليس يدعى غيرهم حاشا العصابة والطراز الأوَّلِ
يكفيهم شرفاً وفخراً باقياً حملُ اللواء الهاشمي الأطولِ
قد خصَّهم واختصَّهم واختارهم ربُّ الأنام لذا بغير تعمُّلِ
هم بالمديح أحقّ لكن ربَّما منعت حقوقٌ بالعدا والعذَّلِ
إن غيرهم بالمال شحَّ وما سخى جادوا ببذل النفس دون تعلُّلِ
الباذلون نفوسهم ونفيسهم في حبِّ مالِكنا العظيم الأجلِ
كم يضحك الرحمن من فَعلاتهم يوم الكريهة نِعْمَ فعلُ الكَّملِ
الصادقون الصابرون لدى الوغى الحاملون لكلِّ ما لم يُحْمَلِ
إن غيرهم أكل اللذائذ مسرفاً هم يبتغون قراعَ كتب الجحفلِ
وألذُّ شيء عندهم لحم العدا ودماؤهم كزلال عذب المنهلِ
النازلون بكلِّ ضنكٍ ضيِّقٍ رغماً على الأعدا بغير تهوُّلِ
لا يعرف الشكوى صغيرٌ منهم لا يعرف البلوى إذا ما تنزلِ
ما منهم إلَّا شجاع قارعٌ أو بارع في كلِّ شيء مجملِ
كم نافسوا كم سارعوا كم سابقوا من سابقٍ لفضائل وتفضُّلِ
كم حاربوا كم ضاربوا كم غالبوا أقوى العداة بكثرة وتموُّلِ
كم صابروا كم كابروا كم غادروا أقوى عداتهم كعصفٍ موكلِ
كم جاهدوا كم طاردوا وتجلَّدوا للنائبات بأفعل وبمقولِ
كم قاتلوا كم طاولوا كم ماحلوا من جيش كفرٍ موجهُ متسلسل
كم رابطوا كم باسطوا كم عابطوا عند الصباح لهم مشوا بتهلُّلِ
كم ثبَّتوا كم بتَّتوا كم شتَّتوا شمل الكوافر في لقاء الجحفلِ
كم أدلجوا كم أزعجوا كم أسرجوا بتسارعٍ للموت لا بتمهُّلِ
كم شرَّدوا كم بددوا وتعوَّدوا تشتيت كلِّ كتيبةٍ بالصيقلِ
فدماؤهم وسيوفهم مسفوحة ممسوحة بثياب كلِّ مجندلِ
لا يحزنون لهالكٍ بل عندهم موت الشهادة غبطةُ بتفضلِ
ما الموت بالبيض الرقاق نقيصةٌ والنقص عندهم بموت الهمّلِ
ياربّ إنك في الجهاد أقمتهم فبكلِّ خيرٍ عنهم فتفضَّلِ
ياربّ يا ربَّ البرايا زدهمُ صبراً ونصراً دائماً بتكملِ
وافتح لهم مولاي فتحاً بيناً واغفر ذنوبهم إلهي وعجِّلِ
ياربّ يا مولاي وأبقهم قذاً في عين من هو كافرٌ بالمنزلِ
وتجاوزن مولاي عن هفواتهم واختم لهم بسعادة وتقبلِ
يا ربّ وامنحهم بنصر عاجل والطف بهم في كل أمرٍ منزلِ
ياربّ واشملهم بعفوك دائماً كن عنهم راض رضاً بتفضلِ
ياربّ لا تترك وضيعاً فيهم ياربّ واشملهم بخير تشمُّلِ
متوسلاً مولاي في ذا كلّه متشفع بشفيع كلّ مكّملِ
وجهت وجهي في الأمور جميعها بمحمدٍ غيث الندا المسترسلِ
صلَّى عليه اللَّه ما سحَّ الحيا والآل ما سيف سطا في الجحفلِ