قامت مؤسسة الأمير عبد القادر الدولية للثقافة والتراث، لأول مرة، في تاريخ الرجل، بنشر صورة له ، بعد نحو قرنٍ من وفاته، حيث كان مشهورًا بصاحبِ تُحفة الزائر،لكنه مجهول الصورة …
الأمير محمد باشا هو نجل الأمير عبد القادر الأكبر، وأمين سره، وُلد في الغرب الجزائري سنة 1839م، وتُوفِّي عام 1913،في إسطنبول العثمانية.
يُكنَّى الأمير محمد بأبي زين العابدين، وهو ولده الأكبر من زوجته التركية، التي أعقب منها الأمراء الثلاثة: زين العابدين وموسى الكاظم وجعفر.
🔺- المناصب التي تولاها الأمير محمد تولَّى الأمير محمد مناصبَ رفيعة، علمية وعسكرية وقضائية، في السلطنة العثمانية، منها فريق في الجيش العثماني، وقاضٍ …
ولمّا تُوُفّيَ والده الأمير عبد القادر سنة 1883م في دمشق الشام،انتقل إلى إسطنبول للإقامة الدائمة فيها…
– ظروف وفاته توفِّي رحمه الله في ظروف صعبة، ولا سيما بعد الانقلاب الطوراني القومي على السلطان عبد الحميد الثاني عام 1909، حيث كان محسوباً على دائرة السلطان الخاصة، ومن ضمن أشهر المناصب التي تولاها قائد الحرس الخاص للسلطان عبد الحميد الثاني …
🔺- تكريم الأمير محمد، إبان حقبة السلطان عبد العزيز الأول و مُنح عدد من أبناء الأمير أرفع الأوسمة والرتب والنياشين أثناء زيارة الأمير عبد القادر إلى الأستانة سنة 1281هـ / 1865م، وعلى رأسهم الأمير محمد الذي منحه السلطان النيشان من الدرجة الأولى،وألبسه إياه الصدر الأعظم فؤاد باشا أمام الحضور، وكَرَّمَه زعماءُ دولٍ عدَّةٍ بالنياشين،منهم شاه إيران الذي منحه النيشان الأعلى من الرتبة الأولى، ومنحه والي تونس محمد الصادق باشا النيشان العالي من الدرجة الأولى، وتلقَّى أيضاً عدة تكريمات روتينية بحكم عمله مسؤولاً رفيعاً في الدولة العثمانية آنذاك، ومن المهامّ التي أُوكلت إليه قيادة أول كتيبة عسكرية للجزائريين، الذين كان أهل الشام يُطلقون عليهم صفة المغاربة، وبتكليف من أبيه الأمير عبد القادر، لوأد الفتنة الشهيرة بين المسلمين والمسيحيين في الشام عام 1860…
🔺- المسيرة السياسية
بعد تولِّي السلطان عبد الحميد الثاني زمام الخلافة سنة 1876 كان للسلطان سياسةُ ما يُعَرفُ بالاتحاد الإسلامي، وما يُعرف أيضاً بالجامعة الإسلامية، لمواجهة المؤامرات التي كانت تحاك ضد الخلافة العثمانية آخر أيامها، لإثبات أن المسلمين يمكن أن يكونوا قوة سياسية عالمية، يُحسَب لها حسابها، في مواجهة الغزو الفكري والثقافي والقومي، التي عزَّزتها ودعمتها كلٌّ من بريطانيا وفرنسا …
تم تعيين الأمير محَّمد من قِبَلِ السلطان عبد الحميد الثاني قاضياً لمولوية أدرنة بثلاث رتب، والرتبة الثالثة، بحسب تشكيلات القضاء في الدولة العثمانية، تُعَدُّ من الرتب الرفيعة، وصاحبها يتقاضى من الدولة راتباً كبيراً، وتُسمَّى المنطقةُ المسؤولُ عنها صاحب هذه الرتبة مولوية بلاد خمس، والمناطق التي كانت تحمل هذا الاسم في الدولة العثمانية عددها ثلاث مناطق، وهي: أدرنة، وبروصة، ومكة المكرمة، وهذا يؤكد رفعة المنصب الذي عينته فيه الخلافةُ العثمانية.
والجدير ذكرُه هنا أن هذا التعيين تم في حياة والده الأمير عبد القادر، وأُبلغ ذلك التعيين في فرمان ورد إليه بتاريخ في 28 جمادى الأولى سنة 1296هـ / 1879م، أي قبل وفاة الأمير عبد القادر بأربع سنوات …
📍نصّ الفرمان:
إلى الأمير عبد القادر أفندي، حفظه الله تعالى، تعيين ولده في مركز أدرنه المجردة بثلاث رتب زائدة، لعلم ولدكم محمد أفندي، مع علمنا بمقدرته وكفاءته، ولكن رأينا أنه يسير على طريقتكم بالعلم.
حضرة سيدي الجليل الحري بالتعظيم، واللائق بالتكريم، من جمعت فيه المحامد والفضائل، ففاق الأكابر والأفاضل، الأمير عبد القادر أفندي، حفظه المعين المبدئ آمين.
بعد السؤال عن صحة ذلك الوجود المسعود، واستنفار الخاطر الشريف المحمود، ثم إن تفضَّلتم بالفحص عن حال هذا المحب القديم فهو على ما تعهدونه من المحبة مستديم، وقد سبق الإشعار من الجناب المهاب بترفيع رتبة حضرة المخدوم، من هو بالنجابة موسوم، أو تبديل طريقة العلية للرتبة الملكية، ومع علمنا أنّه مقتدر على إيفاء وظائف كل جهة من تلك الطريقتين، واستعداده كاف لهاتين المنزلتين، إلا أنه بمقتضى حبنا وتعظيمنا للعلم الشريف رغبنا أن يكون فرعُ أصلِكم النجيب سالكاً طريق حضرتكم.
فلهذا قد رفعنا رتبته العلمية رفعة ثلاث مراتب، وتُوّجَتْ لعدته مولوية بلاد خمس في المناصب، وهي وإن كانت بالنسبة لشرفكم، وشرفه قليلة، لكن محافظتَنا للأصول الشرعية أوقفتنا مؤقتاً عند حصول هذه الأمنية، فبِمَنِّهِ تعالى بالعهد القريب يجري ترفيعه أيضاً لما تُحِبُّ، ويُرضيه، والفرامان مَرسولٌ طَيُّه، فنرجو الإشعار عن وصوله، مع الإفادة ببقاء حسن توجهاتكم القلبية، وأدعيتكم المأثورة الخيرية، سلمكم الله تعالى…
28- جمادى الأولى 1296هـ
ثم أنهى أيامه ضابطًا في الجيش برتبة فريق، وياور حرب السلطان عبد الحميد الثاني، ومن مناصبه المدنية نائباً عن الأمة في مجلس ثاني المبعوثان لفترة قصيرة…
🔺- نشأته القاسية والحزينة
ترعرع في كنف والدته السيدة خيرة في القيطنة من ولاية معسكر غربي الجزائر، والقيطنة هي القرية التي اختطها والد جده الإمام مصطفى بن الشهيد محمد المُلقب بالمجاهد، وفي سنوات طفولته الأولى كان والده الأمير عبد القادر منشغلاً بحروبه مع الفرنسيين، ففي السنة الأولى من حياته خاض والده وقائع حربية مهمة ودامية، منها وقعة أبي بهير، ووقعة بوفارك، وغزوة مستغانم، ووقعة موزاية، ووقعة المدية، ووقعة مليانة.
وفي السنتين الرابعة والخامسة من عمره كانت المرحلة الأخطر في حياته، حيث باغتت الجيوشُ الفرنسية بقيادة الدوق دومال نجل الملك فيليب لويس بقوة مؤلفة من ثلاثة عشر ألفًا، بين مشاة وفرسان، الزمالةَ عاصمة الأمير المتنقلة، وكانت وقتئذ في موضع يُعرف بـ طاكين، ويحميها خمسمئة جندي فقط، وقد استخدم الدوك دومال الحيلة والخديعة في هجومه، إذ استخدم بالمقدمة عُملاءَه من الجزائريين، وطلب من فرسان جيشه ارتداءَ لباسِ خيالةِ الجيش المحمدي، لِيُوهموا المدافعين عن الزمالة أنهم طلائعُ الجيشِ التابع لقوات الأمير عبد القادر، ولم يُدرك أولئك المكيدةَ إلا بعد فواتِ الأوانِ، وهذا ما جعلهم غير قادرين على الصمود في وجه تلك الهجمة، وكان من نتائج ذلك الهجوم أن قُتل وأُسر عدد كبير من المدافعين عن الزمالة، ونُهب ما كان فيها من أموال، وآثار للدولة.
🔺- الأمير محمد نشأة الخوف،والرُعب:
أدرك الأمير محمد أيّام فرار النساء والأطفال إلى الشعاب، وشَعَفِ الجبال، وكان من بين هؤلاء زوجاتُ الأمير عبد القادر، ويأتي في مقدمتهن السيدات خيرة وخديجة ومباركة، ورغم الكدر الذي أصاب الأمير عبد القادر لِما حدث لعاصمته المتنقلة، والخطرِ الذي كان يُحدِق به وبمن معه من كل جانبٍ، فإنه لم يتأخّرْ في استعادة أنفاسه، فأقام بين زوجاته وأولاده أياماً، لِيُخفِّف عنهم ويُؤنسهم ويزيل وحشتهم.
لم يعرف الأمير محمد الاستقرار في طفولته، فعاصمة دولة الأمير المتنقلة استُحدثت عام 1840، بعد سقوط القصر الحكومي في العاصمة معسكر، وكانت تنتقل من مكان إلى مكان، وهذا يعني بالنسبة للأمير الابن ولوالدته حياةً مضطربة، فالخطر يُحدق بهم أينما ساروا وأينما اتجهوا، فالأمير عبد القادر في آخر أيامه كان يعيش ما يُشبه الحروب الأهلية، فيحارب الفرنسيين من جهة، وأعوانهم من الجزائريين من جهة أخرى، وفيما بعد دخل سلطان إيالة مراكش عبد الرحمن بن هشام على خط الفرنسيين، وأصبح محارباً للثورة الجزائرية، بعد توقيع اتفاقية مغنية، فصار الأمير يحاربُ على ثلاث جبهات بجهاتها الأربع، أينما اتجه يجد العدو في وجهه…
وحين بلغ الأمير محمد السادسة والسابعة من عمره حضر لجوءَ والده إلى بوادي الريف المغربي، التي ضرب بها المعسكرات والخيام في عامي 1846 و1847، ووعى الحروبَ الدفاعيةَ الخطيرة والملاحم وأخبار المذابح والأسر مع جنود سلطان إيالة مراكش، ومنها حرب تافرسيت، وحرب بني عامر، والقليعة على أطراف فاس، وحرب سلوان، ومعركة نهر ملوية، تلك المعارك الأخيرة التي خاضها جيش الأمير مع جيوش مراكش دفاعاً عن النفس وعقيدة المقاومة، ولا سيما بعد اتفاق سلطان مراكش مع الفرنسيين في معاهدة مغنية، التي أُبرمت خصيصاً لقطع الطريق على الأمير، واعتباره مطلوباً لكلا الدولتين، وتم بموجبها رسميًّا ترسيم الحدود بين الجزائر والمغرب، بعد أن كانت غير مرسَّمة لقرون غابرة، وغير محكومة باتفاقيات سياسية تجعل عابريها خارجين عن القانون.
واتفقت مراكش وفرنسا أن يكونوا يداً واحدة للقضاء على المقاومة الجزائرية، وتصفية شخص الأمير، وقد أطبق المراكشيون الحصار على قوات الأمير عبد القادر من الخلف، ووقفت الجيوش الفرنسية قـرب الحـدود الجزائريـة تحاصره من أمامـه لـئلا يفـر إلى المفـاوز والقفـار، وهو ما أجبره على الاستئمان الحربي قبيل ساعات من بدأ الهجوم الأخير عليه وعلى العاصمة المتنقلة زمالة، التي كانت تحوي مَن بقي من المقاتلين، إضافة إلى الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ، في آخر موقع لها على ضفاف نهر ملوية…
وكان الأمير محمد من بين أبناء الأمير واعياً ومدركاً لكواليس الخديعة والاختطاف داخل البارجة الحربية الفرنسية لاسمودي، وقد شاهدَ إهانةَ والدِهِ الأمير، وهو أعزلُ من السلاح أمامَ الأشهادِ، وإنزاله قهراً إلى المرسى الفرنسي، وتَهَكُّمَ سفلةِ الجنودِ الفرنسيين بهم حين كبلوا أيديَهم بالأغلال خشية الهرب، وألمح إلى ذلك في مصدره التاريخي تحفة الزائر، وأشار إلى أن تلك التصرفات لم يكن لها داعٍ، وأشار إلى أن قرار الصعود إلى البارجة كان قراراً مُتسرِّعاً، وهذا يدلُّ على جُرْحٍ عميق خدَشَ وجدانَه الطفولي.
أرَّخ الأمير محمد أخبارَ الجزائر، قاصداً تسليط الضوء على بطولات أبيه في كل المواقف، ورادّاً على كل المؤرخين المستشرقين الذين أرَّخوا لحقبة الأمير، ومنهم بلمار الفرنسي، وتشرشل البريطاني، وڤاليوت.
وقد افتتح مقدمة كتابه تحفة الزائر بالتأكيد على أن التاريخ منهم من أساء و منهم من أنصف بشهادة المؤرِّخين من أعدائهم، فقال حرفيّاً: والفضل ما شهدت به الأعداء…
ثم قال: وبعد مطالعة ما كتبه المشتشرقون، وإمعان النظر فيه، وجدتُ البعض منهم أصاب، والبعض أخطأ فيما ذكره جادةَ الصواب، وحافظ البعضُ على ذكر قومه، والبعضُ نسي أحوال أمسه، وذِكْرَ وقائع يومه، كما قال لويس فاليوت كاتب أسرار الماريشال بيجو في تاريخه المسمى “الفرنساويون في الجزائر” : « كانت قواد الجيش تُحرِّر لوزارتها خلافَ ما كانت تُحرِّره كتَّابُ الجرائد لإدارتها»، فلذا وضعتُ تلك الأخبار في ميزان واحد، وجعلتُ الحَكَمَ العَدلَ في ذلك شهادة سيّدي الوالد، فإنه هو ربُّ تلك المشاهد، ولا يستوي الغائب والشاهد، فاستخرجتُ من آثار مولاي خبراً يدل عليه دلالة اللفظ على المعنى، ويتعطَّر بعبير نشره العاطر كلُّ مَغنى.
قضى الأمير محمد مدّةَ الأسر مع أبيه كاملة، واختير ليكون من بين عدد قليل من مرافقي الأمير، الذين قدَّمَهم للإمبراطور لويس نابليون الثالث، حين حضر إلى قلعة أمبواز، ليحمل إليهم بنفسه بشرى إطلاق سراحهم، بعد كفالةِ خليفةِ المسلمين السلطان عبد المجيد الأول للأمير عبد القادر، وقُربَ فكِّ أسرهم من قلعة امبواز بشروطٍ فرنسيةٍ عثمانيةٍ.
كان الأمير محمد شابّاً صغيراً لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، حين وصل برفقة والده بورصة العثمانية، فقدّمه الأمير عبد القادر للسلطان عبد المجيد الأول على أنه نجلُه الأكبرُ، وبذلك عمل الأميرُ عبد القادر على صقلِ شخصيةِ ابنِهِ بمقام الملوك والأمراء، وليكون ساعدَه الأيمن، ونائبَه في كثير من المهام العلمية والدبلوماسية حين يُطلَبُ منه القيام بها…
عاش الأمير محمد إبان النفي إلى الديار الشامية حياة مستقرة إلى حدٍّ ما، وحضر مع من حضر مجالسَ والده، ودروسَه العلمية في اللغة والفقه والمنطق والتصوف، وكان الأمير عبد القادر يُدَرﱢس طُلّابَه أربعةً من الكتب المعروفة في وقته، ذكرها الأمير محمد فقال: كان يُصلِّي في الجامع القريب من الدار، المعروف بجامع العرب، ويقرأ فيه الدروس، فقرأنا عليه ألفية ابن مالك بشرح الشيخ المكودي، والسنوسية بشرح مؤلفها، والإيساغوجي للفتاري. وكان يقرأ لنا في الدار: الإبريز في مناقب سيدي عبد العزيز.
وحين نزلوا دمشق كانت للأمير محمد محطات علمية واسعة، فحضر فيها مجالسَ والده الأمير التي كان يحضرها كبارُ علماءِ الشام، وفي تلمذته للأمير قال: “قرأتُ عليه التوحيد، والنحو، والحديث، واستفدتُ منه ما يُفتَخر بمثله في القديم والحديث”.
ومن دروس الأمير عبد القادر التي اشتهرت في دمشق الشام دروسه في صحيح البخاري في دار الحديث الأشرفية، التي افتتحَ التدريسَ فيها في أول شهر رجب سنة 1274هـ / 1856م، واستمرت هذه الدروس بشكل يومي ما بين صلاتي الظهر والعصر، وكان ختامها في آخر شهر رمضان من ذلك العام، وقد أجاز الأمير فيها جميع مَن حضرها، ولا بد أن الأمير محمداً كان واحداً منهم، وحضر أيضا دروسَ والده في المدرسة الجقمقية التي درَّس فيها كتاب ” الإتقان في علوم القرآن ” للسيوطي، وكتاب ” الإبريز في مناقب سيدي عبد العزيز ” لـ أحمد المبارك.
وحضر أيضا دروس والده التي درَّس فيها كتاب” الشفا ” للقاضي عياض، وكتاب “العقائد النسفية، و”صحيح مسلم”، وكانت تلك الدروس في الجامع الأموي، وتحديداً في المشهدين الحسيني والسفرجلاني.
وحضر أيضاً دروسَه التي كان يُلقيها في منزل الضيوف من داره الواقعة في حي العمارة الدمشقي، وكان ذلك بعد رحلته إلى الحجاز.
🔺- الأمير محمد العالم والأديب
من أهم مؤلفاته التاريخية والأدبية:
1ـ كتاب: تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر، وأخبار الجزائر.
2ـ كتاب عقد الأجياد في الصافنات الجياد، صدر في حياة والده، وقد اطلع الأمير عبد القادر عليه، وكتب في تقريظه:” قد اطلعت على هذا المجموع الحافل، الذي هو لكل ما يتعلق بالخيل كافل، وليس الخبر كالعيان، ولا يطلب على المشاهدات برهان”.
وطُبع الكتاب مختصراً فيما بعد، تحت عنوان: نخبة عقد الأجياد في الصافنات الجياد.
3ـ كتاب عقود الدرر في تلخيص سيرة سيد البشر: يقع الكتاب في 78 صفحة، كتب على غلافه: “جامعها الفريق محمد بن الأمير عبد القادر، ياور حرب حضرة أمير المؤمنين، طبع برخصة نظارات المعارف الجليلة في 13 ذي القعدة 1312هـ، نومرو / 220 و178 /، حقوق الطبع والترجمة محفوظة، طبع في مطبعة العصر في “إسلامبول المحمية”.
4ـ رسالة: ذكرى ذوي الفضل في مطابقة أركان الإسلام للعقل.
5ـ رسالة: كشف النقاب عن أسرار الاحتجاب.
6ـ رسالة: الفاروق والترياق في تعدد الزوجات والطلاق.
7ـ نزهة الخاطر في قريض الأمير عبد القادر: يعد هذا الكتاب أول محاولة لجمع ما نظمه الأمير عبد القادر من شعر في ديوان، ولم يكتف الفريق محمد بجمع شعره، بل قدم له بمقدمة ترجم فيها لوالده، ونشرها تحت عنوان:” نزهة الخاطر في قريض الأمير عبد القادر”، وقد بلغ عدد صفحات الكتاب 58 صفحة، ونقتطف من مقدمة الأمير محمد قوله: “قد سنح بفكري أن أُرتِّب ما عثرتْ عليه يدي من كلام سيدي ومولاي ناصر الدين الأمير عبد القادر بن محيي الدين، ولم أتعرض لما له من نظم في الحقيقة واللطائف، إذ إنّه قُدِّس سِرُّه أثبتها في كتابه المسمى بـ المواقف”.
8ـ العقد الباهر في مديح الأمير عبد القادر: مخطوطة، منه نسخة خطية في متحف الجيش بالعاصمة الجزائر.
🔺- الأمير محمد والسلطان عبد الحميد
يظهر تعلُّق الفريق محمد بالخليفة عبد الحميد خان الثاني، وولاؤُه له مِن خلال دعائه الوافر له في كتاباته كُلِّها.
كانا متقاربَين في العمر، أي أبناء جيلٍ واحد، وتميَّزت قوة العلاقة بينهما من طرف الفريق محمد بمودة متسمة بالولاء لآخر خليفة فِعلي للمسلمين، قبل غدر الغادرين، ربطتهُما من قبلُ علاقةُ أبويهما الأمير عبد القادر، والسلطان عبد المجيد الأول، وبحكم أنَّ الفريق محمَّداً ترعرع في دمشق الشام عاصمة التاريخ.
كانت مجالس الفريق محمد بداره في حي العمارة، التي هي مقرُّ إقامتهِ، ووجهةٌ مقصودةٌ لكبارِ علماءِ العالم الإسلامي، وكان الفريقُ محمد متشرِّباً بمذهب أبيه وأخلاقه في محبة علماء الملّةِ المحمديّةِ، وموالاةِ الأعجميّ كالعربيّ، ما صحَّ فيه الخيرُ لبناء الأمّة وعزّتها وكرامتها.
ومن هذه العلاقات أنه كانت للفريق علاقة وثيقة ومجالس مع الشيخ الدمشقي محمود أبو الشامات مفتي الأحناف، وشيخِ الطريقةِ الشاذليةِ، وهو شيخ السلطان عبد الحميد الثاني …
🔺- ذرية الأمير محمد
أعقب الفريق محمدٌ ثلاثة ذكور: زين العابدين، وموسى الكاظم، وجعفر، فأما جعفر فتُوفِّي وهو رضيع، وأما الأمير موسى الكاظم فقد تزوج من أمينةَ الأيوبي، كريمة الزعيم السوري عطا بك الأيوبي ورئيس حكومتها، وشغل مناصب رفيعة في السياسة السورية؛ منها وزير الدولة لمدة ست سنوات، وسفير سورية في تركية، وأميناً عاماً للقصر الجمهوريّ السوري لثلاث سنوات.
أنجب الأمراء عصام وهيثم وعدنان وبشار، وكلهم لم يُعقبوا ذكوراً، وتُوفِّي أخرُهم، وهو الأمير بشار، الحائز على الدكتوراة في الهندسة من جامعة هيوستن الأمريكية، عام 2012م، وهو من أبرز مؤسِّسي مؤسسة الأمير عبد القادر الدولية للثقافة والتراث، وأول رئيس لها، وقد قامت رئاسة الجمهورية الجزائرية بتقديم العزاء فيه بشكل رسمي، ويعدّ الأمير بشّار آخر حفدة الفريق محمد باشا …
وأما زين العابدين فأعقب ولداً سماه المختار من زوجته عادلة بيهم الجزائري، التي منحتها المنظمات الدولية لقب أميرة الرائدات العربيات، من أعمال عادلة الجزائريّ تأسيس منظمة حقوق المرأة العربية، وتأسيس جمعية دوحة الأدب في سورية ولبنان، وقد سعى الشيخ العـلَّامة ابن باديس إلى الاستعانة بالجمعية لإرسال فتيات الإيمان الجزائريات لتعلُّم اللغة العربية.
أعقب الحفيد المختار من عادلة أنثى سمّاها أمل، وذكر سمّاه زين، ولم يُعقب المختار أي ذكور…