🔺ولدَ الفيلسوفُ،والمُناضل الكبيرُ
مالِكٌ بن نَبي عام 1905م في مدينةِ العُلماءِ قسَنطِيِّنة فَهو من عَمالِقةِ الفِكرِ الإسلامِيٍّ التَّنويريٍّ في القَرنٍ العشرِينْ.
نَشأ، وتَرعرَعَ هذه الأسطورةُ الجَزائرِيَّةُ في مَناخٍ يائسٍ مِنْ فَشَلِ تَحقيقِ المُقاومَةِ الشَّعبيَّةِ المُسلَّحةِ غايتَها، فَعاشَ قَلِقَ الوجدانِ على وطنِهِ الذي أرادَ أنْ يَشُقَّ طَريقَ الذًّاتِ له بِقلمهِ، وقلبهِ؛ لٍتصفيَّةِ الاستعمارِ مِنَ العُقولِ عبرَ مشروعَ المَقاومَةِ التَّنويريَّةِ بِالتَّزامنِ مع التَّحولِ الكبيرِ لِعودَةِ الأمير خالِد بنْ الهَاشِمي بن الأمير عبد القادر مِنَ الشَّامِ؛ لٍيؤسِسَ الحركةَ الوطنٍيَّة المُتمثِّلة في تَياراتٍ عِدَّةٍ.
كان نجمُ شمالَ إفريقيا الأبرزَ فيها الذي تحوَّلَ فِيِّما بعد إلى حِزبِ الشَّعبِ الجَزائريِّ المُمَثَّل الذي عزَّزَ تَرسيخَ ثُلاثِيَّةِ الهَويَّةِ الجزائرٍيَّةِ، وهي الإسلامُ دِينُنا، والعَربيَّةُ لُغتنا، والجزائرُ وطَننا بعدَ أنْ مَسخَ الاحتلالُ الهوِيَّةَ الرَّاسِخةَ تدريجيَّاً، وأصبحَ شِعارٌ فِيّما بَعد لِجمعِيَّةِ عُلماءِ المُسلٍّمينَ الجزائٍرييٍّن .
بَعدَ مِئَةِ عامٍ مِنْ تلميحِ الأميرِ عبدُ القادِر في كَثيرٍ مِنْ رسائلِهِ إلى العَالَمِ الإسلامِي؛ بٍأنَّ الهَزيمَةَ العَسكرِيَّةُ ناتِجةٌ عن مَأزَقٍ فِكريٍّ عَقائدِيٍّ، وهو الأساسُ الذي سَهلَ لِلاحتِلالِ اكتِساحَ الجزائرِ، وهَزيمَةَ العَالَمِ الإسلامِي برُمته،إذ كان يمتلِكُ رؤيةً، ولم تسنح له الفُرصة لتحقيقِها، وإصلاحَها مع أنَّهُ أدرَكها، وعَقِلَها، وفَسرَها في كُتُبهِ العِرفانِيَّةِ المُتَمَثِلَة في سُنَنِ اللَّه في خَلقِه إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ صدق الله العظيم .
كانَ مالك المُفكرُ العِملاقَ خَيرَ مَن تَفَرَّغَ إلى تَلخيصها، وتَسميٍّتِها بٍقابِليَّةِ الاستعمارِ الذي لايَكتَفِي بِالمُواجَهةِ عَبرَ البُطولاتِ العسكَريَّةِ بِقدَرِ تَغييرِ الأفكارِ.
هَاهي الجزائرُ أكبَرُ مِثالٍ على هذا، فقد حَرَّرها شُهدَاءُ جَيشِ التَّحريرِ الوَطنيٍّ، واستقلَّتْ منَ الاحتلالِ، لكِنها عالِقَةً في وعكَةٍ إلى اعتِلالٍ، وتَخَبُطٍ مِمَّا يُثبِتُ عدمَ كِفايةِ التَّحرير العَسكريِّ بقدَرِ مايحتاجُ إلى تحريرٍ فِكريٍّ مُتكامِلٍ؛ لِلنُهوضِ إلى مُستقبلٍ سليمٍ يُواكِبُ، ويُجارِي الحَضاراتَ العَصرِيَّةَ الحديثةَ في مَجالاتِها كافَّةً مع الحِفاظِ على تارٍيخِنا، وعَاداتِنا، وتَقاليدِنا، كما تَصرَّفتْ دولةُ ومجتمعُ اليابان القُدوَةُ العُظمَى التي نَجَتْ مِنْ دولَةٍ مُدمرَّةٍ بِالكامِلٍ مِنْ جَراءِ قُنبُلتيِّنِ نَوَويَتَيٍّن بالتَّزامُنِ مع الاستِقلالِ الجَزائريِّ، فَنَهضتْ اليابانُ منْ رُكَامِ الحَربِ؛ لِتُصبِحَ ثالِثُ أقوى اقتِصاداً في العَالَمْ، وفي نشرِ الحُريًّة ، والدِّيمقراطيَّةِ مِنْ دونِ أنْ تُغَيرَ من عادَاتِها الشَّرقِيَّةِ، وتقاليدِها الأصليَّةِ، وثَقافتِها قَيّدَ أنمِلَةٍ.
صَدَقَ(مالكٌ) في أفكارٍهِ، إذ ْ قالَ: السٍّياسيُّونَ لايَبنونَ وعيَّاً بِقدَرِ مايوهِمونَ النَّاسَ في مَجموعَةِ حقوقٍ غيرَ قابِلَةٍ لٍلتَّحقُقٍ.
رَحلَ العملاقُ (مالكٌ بن نبي) قبلَ طُلوعِ الفَجرِ الذي انتظرهُ بعدَ ليلٍ جاثمٍ طويلٍ، مُخَلِفاً وراءهُ إرثاً فِكريَّاً ضخماً لايُقاسُ بٍكنوزِ الدُّنيّا كلَّها، وإذا أردنا زراعةَ بذورِ الوفاءِ؛ لٍفكرهٍ العظيمِ، فَلنتَعلَمَ، ونُشَرِعَ نظرياتهُ، ونَبعثُّ الحيَّاةَ في أفكارهِ، ونظرياتهِ.
🔺 نرفق جزء مِنْ برنامج لقاء الأستاذ الدُّكتور بَدرانْ بلحَسَنْ الذي سلَّطَ الضَّوءَ في حلقةٍ تٍلفزيونِيَّةٍ ثَرِيّةٍ عن اقتِباساتِ العَلّامَةِ المُفَكِر مَالِكٌ بنْ نبي وعَنْ نشاط الأميرِ خالِد بن الهاشمي بن الأمير عبد القادر .