🔺-هو طاهر بن أحمد بن الأمير عبد القادر، أول مطلوب للسلطتين الطورانية التركية، وبعدها الفرنسية…
وقد تحدَّثت عنه مصادر كثيرة في القرن التاسع عشر، كما ذكرته كثيرًا الصحافة وبيانات الخارجية الفرنسية، وجاء في مذكرات “سكوت سراي” الذي وضعه بول كوبلنز والذي حمل عنوانا ثانيا هو :
“حقائق ووثائق لم تنشر عن الثورة السورية الكبرى 1925” من أهم الكتب التي نشرت عام 1936 خاصة أن مؤلفه كوبلنز كان كاتما لاسرار الجنرال ساراي ومقربا منه، بأن هذا الأمير الخطير كان العامل الأول في إعداد الثورة السورية والمُحرِّضَ عليها…
🔺-يُعَدُّ الأمير طاهر علمًا من أعلام الثورة العربية، ممن لم يُسلَط عليهم الضوء في القرن الحادي والعشرين…
وممن ذكره المؤرخ والأديب محمد كرد علي أول وزير للمعارف والتربية في سورية و المؤرخ أدهم الجندي في تاريخيه، وهما شاهدين عيان على رجالات تلك الحقبة في القرنين التاسع عشر والعشرين. وكذلك ذكره السياسي الدمشقي، والمستشار الخاص للملك فيصل، أحمد قدري، في مذكراته عن الثورة العربية، وذكره أيضًا الأديب عبد الغني العطري في تاريخه، كما تحدَّثت عنه مصادر أخرى عديدة.
🔺-أبرز المناصب التي أوكلت إليه
أمين وعضو مجلس الشورى في العهد الملكي السوري، حتى عام 1920، حيث عزلته القوات الفرنسية بعد احتلالها سوريا في العام نفسه…
اعتُقِل مرتين في عهد القوميين الأتراك، ومرة ثالثة في عهد الاحتلال الفرنسي لسوريا، وأبرز التهم التي وُجِّهت إليه في المرتين اللتين اعتُقل فيهما:
1-إيواء ودعم الثوار ضد الطورانيون الترك في مزرعته حوش بلاس.
2- التمويل والتخطيط لمحاولة اغتيال الموسيو بيجان مدير الأمن العام الفرنسي.
لمحة عنه كما جاءت في تاريخ الجندي:
الأمير طاهر بن الأمير أحمد بن الأمير عبد القادر الحسني الجزائري، وُلد في الديار الشامية من فلسيطن سنة 1871م، وتوفِّي في دمشق سنة 1937…
نشأ في مهد العز والفضائل، وتلقَّى علومَه العربية الابتدائية الدينية على علامة عصره الشيخ محمد المبارك، وعلومه العصرية واللغة الفرنسية والتركية في المدرسة العازارية بدمشق، والمدرسة السلطانية في بيروت، ثم تعاطى الأعمال الزراعية في أراضيه الفلاحية الواسعة.
خدماته الاجتماعية كثيرة وعديدة، كان في الرعيل الوطني الأول، وأسهم في جميع الحركات العربية، وكان أحد مؤسِّسي جمعية إيفاد البعثات العلمية للخارج بغية طلب العلم، التي تهدف حينها إلى تنمية الاقتصاد والكفاءات البحثية، قبيل الحرب العالمية الأولى.
ولما اندلعت نيران الحرب العالمية الأولى، وتولى جمال باشا السفاح الطوراني قيادة الجيش الرابع في سورية، وأحس شباب العرب بنواياه الفتاكة نحوهم، وبدأت فترة إذلال النخب العربية بعد تولي القوميين الترك زمام السلطة، التجأ إليه عدد من العاملين في القضايا العربية، واجتمعوا لديه في حوش بلاس، وهي أرض اقتطعها العثمانيون لجده الأمير عبد القادر، فسهّل لهم سبل الفرار من بطش السفاح جمال؛ ولما هرب الشهداء، ومنهم عمه الأمير الشهيد عمر بن الأمير عبد القادر، والأمير عارف الشهابي، وتوفيق البساط، وعمر حمد، وعبد الغني العريسي، وإبراهيم باشا هاشم، اكتُشف أمره، فاعتقلته حكومة القوميين الطوارنية التركية، الباطشة بالناس، وأحالته مع قافلة الشهداء الأولى إلى الديوان العرفي الحربي في عاليه.
خلاصة قرار اتهامه والحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤقتة
تبين أنه الذي سهل فرار الشهيد عبد الغني العريسي، وخلاف هذا فقد تبين أنه اشتغل بحركات تدعو للقيام ضد الحكومة.
وقد قضى سنة واحدة في سجن بيروت، وبعد إطلاق سراحه استأنف نشاطه السياسي، وأحب أن يلتحق بإخوانه، وقد التقى بالشهيد أحمد مريود في موقع البساتين في البادية، وأفهمه مريود بأن الشهداء عبد الغني العريسي ورفاقه قد قُبض عليهم، فعاد مع أحمد مريود.
اعتقاله للمرة الثانية: اعتقلته الحكومة حكومة الاتحاد والترقي الطوارنية للمرة الثانية، وأحالته مع قافلة الشهداء إلى المحكمة العرفية في عاليه، فحكمت عليه بالإعدام، ثم أُبدل بحكم المؤبد مع الأشغال الشاقة، وقضى من حكمه سنتين في سجن قلعة دمشق، ومن ثم أُطلق سراحه بعفو خاص قبيل انسحاب الأتراك من سورية.
ثم عُيِّن في عهد الملك فيصل الأول عضوًا في مجلس الشورى، ثم أُلغي تعيينه من قبل الفرنسيين بعد احتلالهم دمشق، وأصبح عدوَّ الاحتلال الفرنسي الأول.
جهاده: لقد جاء في مذكرات الجنرال سراي (سكوت سراي) المطبوعة بأن هذا الأمير الخطير كان العامل الأول في إعداد الثورة السورية، والمُحرِّض عليها، بالاشتراك مع قنصل بريطانيا المستر سمارت، والحقيقة أن الفرنسيين كانوا على علم بما يقوم به من نشاط وطني بارز، وقد اعتقلته السلطة الفرنسية أيام الثورة السورية عام 1925م، حينما احتل المجاهدون دمشق، ثم أُطلق سراحه بعد مدة قصيرة. ورغم مراقبته فإنه كان يؤازر المجاهدين بشتى الوسائل، ومن أعماله المكتومة البارزة أنه تفاوض مع السيد أديب الكلسلي، مفوض التحري في عهد الثورة، واتفقوا مع توفيق الإمام الملقب بأبي عجاج، وكان حارسًا انتدب لمرافقة الموسيو بيجان، مدير الأمن العام الفرنسي، على اغتياله، وقدم الأمير طاهر مبلغ مائتي ليرة ذهبية عثمانية من ماله الخاص لتنفيذ هذه العملية، إلَّا أن محاولة الاغتيال قد فشلت في آخر لحظة.
اعتزاله السياسة: اعتزل السياسة لأسباب صحية، ومع ذلك فقد كان بيته محجة الزائرين من جميع الطبقات، وقد اشتهر بالنبل والشهامة والنجدة والكرم، تلك السجايا الموروثة المطبوعة في الأمراء الجزائريين. كما وصفه الجندي في تاريخيه.
أنجب الأمير طاهر العلّامة الأثري والسياسي جعفر، عضو المجمع العلمي العربي، وإدريس رئيس ديوان الدائرة في أمانة العاصمة السورية.
🔺وقد قال الأستاذ الكبير العلّامة الشيخ طاهر بن صالح السمعوني الجزائري مؤرخا يوم ولادته:
{ لقد وافى الزمان بنجم سعد
به صبح الهنا والبشر أسفر
فقال الحال للشرف المُعَلَّى
لدى التاريخ حيِّ الفضل جعفر}