عُرضَ على الأمير عبد القادر المُلك مرتين …
عُرض على الأمير عبد القادر المُلك مرتين بعد اعتزاله: الأولى سنة 1865م حين اقترح نابليون الثالث عودته لحكم الجزائر بشروط، فرفض إباءً والتزامًا بموقفه الأخلاقي. والثانية سنة 1878م حين عرضت عليه الزعامات العربية في المشرق إقامة مملكة عربية، فاعتذر درءًا للفتنة...

تولّدت لدى زعامات عربية من لبنان وسوريا والعراق والحجاز رغبة في إيجاد بديل للخلافة العثمانية، فوقع اختيارهم على شخصية الأمير عبد القادر، ونقل مقر الحكم إلى دمشق تحت اسم “المملكة العربية”.
جاء ذلك في وقت كانت فيه الدولة العثمانية، المعروفة حينها بـ”الرجل المريض”، تمرّ بمرحلة ضعف وانهيار تدريجي، مما دفع زعامات دينية وسياسية للتفكير في مرحلة ما بعد سقوطها.
وفي عام 1878م فوجئ الأمير بقدوم وفد إلى قصره الصيفي في دُمَّر بدمشق، برئاسة الزعيم السُّني اللبناني أحمد الصلح، حاملاً رسالة من مفتي جبل عامل الشيعي السيد أحمد الأمين، والزعيم الماروني يوسف بك كرم، وأمراء من الدروز. وقد أكد هؤلاء في شهاداتهم أنّهم عقدوا مؤتمرًا سريًا أقرّوا فيه اختيار الأمير عبد القادر ملكًا على العرب، وأرسلوا القرار إليه بعنوان:
“دار الإمارة”. غير أنّ الأمير اعتذر بلطف، وأكرم الوفد كما يليق بأهل المروءة، ثم صرفهم مقنعًا إيّاهم بضرورة التمسك بالارتباط الروحي مع الخلافة العثمانية.
-فضيحة المراسلات الفرنسية
تكشف الوثائق الرسمية للجمهورية الفرنسية الثالثة، التي ورثت حكم نابليون الثالث، حجم التآمر على المشروع العربي. فقد تبادل القنصل الفرنسي العام في بيروت دلابورت (Delaporte) مع وزير خارجية فرنسا وادينغتون (Waddington) تقارير تصف تلك المحاولة بـ”المؤامرة العربية”، وتذكر شركاء محتملين في حلب والموصل وبغداد ومكة والمدينة، مؤكدة أن المرشح الوحيد لتلك المملكة كان الأمير عبد القادر.
فضحت تلك المراسلات خشية فرنسا من أن تؤول القيادة إلى عظماء الأمة، فوصفت المسعى بالمؤامرة، في حين كان الأمير نفسه يدرك خلفيات هذه التحركات وارتباطها ببريطانيا والفرنسيين. لذلك رفض الخوض في مسارها، وأدرك أنها ستفتح الباب للفوضى لا للوحدة. وبحكمته أجهض المشروع، وحرم المستعمر من ذريعة مبكرة لاحتلال إسطنبول والبلاد العربية، وهو ما ساهم في تأجيل الاحتلال نحو نصف قرن.
-الأمير عبد القادر وفتنة 1860م
على الصعيد الداخلي، واجهت بلاد الشام اضطرابات طائفية خطيرة. ففي عام 1860م اندلعت فتنة بين المسلمين في دمشق والمسيحيين (أهل الذمة)، وامتدّت نيرانها إلى جبل لبنان حيث وقعت حرب أهلية بين الدروز والموارنة.
-وقف الأمير عبد القادر موقف الحياد الشريف، متمسكًا بسماحة الإسلام، وحمى النصارى السوريين بجيشه ورجاله من أعيان الجزائر الذين كانوا معه. فوضعهم تحت إمرة ابنه محمد باشا، وسهر الليالي لقطع أسباب الفتنة،مانعًا الفرنسيين من اتخاذها ذريعة للتدخل واحتلال دمشق. وقد تجلى ذلك في تحركات الأساطيل الفرنسية التي حاصرت السواحل السورية آنذاك.ما يزال أهل دمشق حتى اليوم يذكرون فضله، ويشيدون بمروءته وحكمته، إذ جنب المدينة وصمة عار تاريخية لا تُمحى، مثبتًا أنّ القيم الإنسانية العليا فوق كل إغواء سياسي أو مصلحة آنية.
-تصحيح شائع…
كثيرون يخلطون بين فتنة دمشق (1860م) التي كانت بين المسلمين السنّة والمسيحيين، وبين فتنة جبل لبنان التي جرت في الوقت ذاته بين الدروز والموارنة. وهذا خطأ شائع، إذ لم يكن داخل أسوار دمشق آنذاك أي وجود للدروز …
المصادر : مذكرات عروبة يوسف بك كرم للباحث اللبناني سركيس أبو زيد الذي كرس بحثه على النصوص ومذكرات الزعيم يوسف بك كرم و الكشف عن مراسلات تلك الحقبة…
📍– نشوء القومية العربية للباحث اللبناني زين نور الدين زين الذي نقل،مضمون المراسلات الفرنسية في الصفحة 197…
📍– تاريخ جبل عامل : محمد جابر آل صفا ،ص 208& 209
📍– نكبة نصارى الشام أهل ذمة السلطنة وانتفاضة 1860م للدكتور الأستاذ سامي مروان مُبيَّض رئيس مؤسسة تاريخ دمشق،ومستشار مؤسسة الأمير عبد القادر الدولية …
📍–تحفة الزائر …
📍– نخبة ما تسر به النواظر…