🔺-أجمع أهل الفضل واتفق أهل العَقْد والحَلّ على تفرُّده بالفخر، حيث ظهرت معاليه ظهور الشمس في الإشراق، وعمَّت أضواء إفاداته عمومَ ضياء البدر في الآفاق، واسطة عقد نظام الفضائل، وبيت قصيد العلوم والفواضل …
🔺ذكره الجوزي حرفياً في كتابه: فتح الرحمن قائلاً : السيّد أحمد المختار سكن محلَّة باب علي، من مدينة معسكر، واتخذ فيها خلوة لعبادة الله، وكانت العلاقة بينه وبين رئيس المدينة متوترة فكلفّه، بما كلَّف به أهلَها،فدعا عليه، فلم يلبث إلا قليلًا حتى أخذه الله أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ…
🔺-وذكره أيضاً : الفقيه المتفنن الحافظ اللغوي المؤرَّخ الْمُحَدِّث أبو العباس الشيخ أحمد بن شعرون السلُوكَسْني في سنده، ثم قال: وهو شيخي الذي أخذتُ عنه الطريقة القادرية…
وبالجملة فإنه كان: عالمًا عاملًا فقيهًا، سهل العبارة، لطيف الإشارة، جاريًا في التبتُّل والانقطاع إلى الله تعالى إلى أبعد غاية، مشهورًا في وقته بالصلاح والولاية ورسوخ القدم في علوم الحقيقة والسلوك على سبيل الصوفية على أقوم طريقة، شُدَّت إليه الرحال في القرن الحادي عشر، لأخذ العلم وتلقين الأذكار
وممَّا يدلُّ على فضله منظومته التائية التي سماها:بـ«عقد جواهر المعاني في مناقب سيّدنا وأستاذنا الشيخ القطب عبد القادر الجيلاني، التي اعتنى بها العلماء، بحلِّ رموزها، وكشف الغطاء عن كنوزها، شرحها العلَّامة الإمام اليوسي في مجلد ضخم، ذكر فيها مناقب الشيخ القطب الجيلي، قدَّس الله سِرَّه وكراماته، وأحوال المشايخ الذين اعترفوا بفضله، وتقدُّمَه على أولياء زمانه، وذَكر جميع ما بلغه من أحواله وأخباره، ونظمه ونثره…
🔺-قال الإمام العلّامة أحمد المختار، صاحب الترجمة، في ديباجة المنظومة، ما نصُّه: يقول عبد ربِّه، مستغفرًا من ذنبه، أحمد بن عبد القادر، عامله الله بلطفه، في الباطن والظَّاهر، الحمد لله، مغيث المستغيثين بأوليائه، المستجيرين بأصفيائه، والسَّلام على سيّدنا ومولانا محمد خاتم أنبيائه، وعلى آله المسترشدين باقتفائه…
أما بعد: فلما ضاق الصدر، وعظم الأمر، وعضل الداء، وعزَّ الدواء، وعجزت عن معالجته الأطباء، تداركني الله بإحسانه، وعاملني بفضله وامتنانه، فعملت فكري في نظم قصيدة، مستعذبة إن شاء الله تعالى مفيدة، طوَّقتُ جيدها بدرر بارعة الجمال، ساطعة الكمال، تتحدث بلسان بلاغتها، عن محاسن الأولياء، الذين اعترفوا بفضل الشيخ سيّدنا عبد القادر الجيلاني قُدِّس سِرُّه، وأنه قطب دائرة الاجتباء، وجعلته واسطة عقد التطويق، والمعول عليه في السعة والضيق، فجاءت – بحمد الله – كما أمَّلتُها، وبرزت من خدرها كما ظننتُها، وإنما عذبت بذكرهم، وشرفت بقدرهم وإلا فإني لست من أهل هذا الشأن، ولا من فرسان هذا الميدان
وسميتها بـ«عقد جواهر المعاني في مناقب الشيخ الغوث عبد القادر الجيلاني»، والمعتمد فيما ذكرته من الأخبار،📍 «مختصر بهجة الأسرار»، والله المستعان، وعليه التكلان…
🔺-أقولُ لمن أَعْيَا الطَّبِيبَ عِلَاجُه وقد ملَّ مِن شُربِ الدَّواءِ لِعِلّةِ
ألا لُذْ بـ مُحْيي الدِّين يا طالبَ المُنى وعَوِّلْ عليه في الأمورِ المُهِمّةِ…
إلى آخر المنظومة وهي طويلة، مشهورة في الوطن الجزائري ومعلومة، كانت تُقرأ في الشدائد والنوائب…
وهي، وإن كانت قاصرة، من حيث جودة النظم، عن المحلِّ الأعلى، فأسرارها وبركاتها بلغت النهاية القصوى والمقام الأسمى، وهي قطعًا من النظم المحمود.
وقد رأيتُ ابن بسام تعرَّض لمثل هذا، فقال: إن أشعار العلماء والفقهاء ليس فيها بارقة تُسامُ، لأنها بيِّنة التكلُّف، ظاهرة النُبُوّ عن الدقة والتصلف…
قال بعض العلماء: وعلَّة ذلك اشتغال أفكارهم بما يُعَنِّي، والشعر، وإن سموه ترويح الخاطر، لكنه ممَّا لا يُثمر فائدة تُغني، وشتان بين من تعاطاه في الشهر مرَّة، وبين من أنفق في تعاطيه عمره…
📍- المقصود هنا مختصر بهجة الأسرار كتاب بهجة الأسرار ومعدن الأنوار في مناقب الباز الأشهب الشيخ عبد القادر الكيلاني، لشيخ الديار المصرية في عصره علي بن يوسف بن حريز بن معضاد اللخمي الشنوفي المصري المتوفى سنة 713هـ…
📍- ابن بسام هو أبو الحسن علي بن بسام الشنتريني، نسبة إلى مدينة شنترين في البرتغال حاليّاً ولد سنة 450هـ، وانتقل إلى قرطبة بعد سقوط مدينته بيد الملك ألفونسو الأول، ثم استقر في إشبيلية، وفيها ألف كتابه الشهير “الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة”
المصدر : تحفة الزائر