مئة عام من التضليل الثقافي عن أصلِ النجمةِ السداسيةِ، وعلاقتِها بالإسلام والمسلمين، وتراثِ الأمير عبد القادر…
ورد في بعض المخطوطات القديمة المتفرقة هنا وهناك مَهرًا بختم سداسي، يعود إلى حكومة الأمير عبد القادر، وصورة الختم فيها من الرداءة ما يحجبُ رمزيَّتها ومدلولها الإسلامي، الضاربة جذوره ومعانيه في التراث الإسلامي.
-الخلفية التاريخية
وجدنا من أبناء الأمة الإسلامية بعضَ الإخوة الذين يظنّون أنَّ ثمةَ رايةً تحمل النجمةَ السداسيةَ أيامَ الأميرِ …
ونقول في هذا الصدد: لا يوجدُ البتةَ علَمٌ أو راية، في حقبة الأمير عبد القادر، عليها النجمةُ السُّداسيَّةُ، بل إنَّ أحدَ أختام ِحكومة الأميرِ الخاصة تضمَّنَ إشارة مؤلفة من ستة أسماء، وُضِع مُحتواها في رايةٍ تزيينيةٍ إبان إقامة الأمير عبد القادر في بورصة العثمانية، مؤلفة من نَجمةٍ سداسيَّةٍ، وقد وَضَّح تفاصيلها الفريقُ محمد باشا في كتابِهِ “تُحفة الزَّائر” دون ذكره النجمة السداسية، بينما حِيكت الرايةُ القماشية في بورصة العثمانية، للتعبير عن تراثية ذلك الختم، الذي وُضع في قالب نجمة سداسية إسلامية…
– النجمةُ السداسيَّةُ الإسلاميَّةُ خذلتها النُّظُمُ التعليميةُ والثقافيةُ العربيةُ، وتآمرتْ عليها لأغراضٍ تابعةٍ لمشروعِ سايس بيكو: ممَّا أفضى إلى تكوينِ قناعةٍ مُحدَثةٍ مُركَّبةٍ مُتَوارثةٍ، لدى المسلمين وغير المسلمين، بأنَّ شعارَ إسرائيل له شيءٌ من الصحةِ التَّاريخيَّة.
– ذكر مؤلفُ كتابِ “تحفةِ الزائر”، في عام 1890، أنَّ مراسيمَ تعينِ العُمالِ والخُلفاءِ كان له ختمٌ خاصٌ بالديوانِ الأميري، يتضمَّنُ رمزية إسلاميَّةُ، لاشتماله على لفظِ الجلالةِ (اللهُ)، والرسول صلى الله عليه وسلم، والخُلفاءِ الرَّاشدين، وقد نُقِش عليهِ بيت من الشعر:
ومن تكون برسول الله نصرتهُ إنْ تلقهُ الأسدُ في آجامها تجمُ
وفي جوانبه: الله، محمد ﷺ، أبوبكر، عمر، عثمان، علي.
وفي وسط الدائرة: الواثق بالقوي المتين ناصر الدين عبد القادر بن محيي الدين، مؤرخةً 1248هـجريِّة.
وإبانَ مكوثِ الأميرِ في بورصةَ العُثمانيَّةَ تمَّتْ حِياكةُ رايةٍ قماشيَّةٍ، مُؤلفةٍ من خَتْمٍ مُكَبَّرٍ، تحملُّ دلالاتٍ خاصةٍ كثيرةٍ، نشرحُ جزءاً منها:
– الخلفية التراثية للنجمة السداسية:
النجمة السداسية أصلٌ ثابتٌ، وآثارها منتشرةٌ في أغلبِ الحواضرِ العربيَّة والإسلاميَّةِ القديمةِ، كدمشق، وبغداد، والقاهرة، وإسطنبول.
وقد بنى المسلمونَ الأوائلُ أكثرَ من أربعمئةِ مسجدٍ ومئذنةٍ، ونقشوا على جُدرانها بكل فخرٍ
(النَّجمةَ السُّداسيَّةُ) كبُعدٍ روحيٍّ، وعَقَائديّ.
وكانت المئذنةُ الأولى التي حملَتْ (النَّجمةَ السُّداسيَّةَ) في عاصمةِ الخلافةِ الأمويَّةَ سنةَ 90 للهجرة هي (مئذنة المسجد الأموي، واختُلف في تسميتها مئذنة النبي عيسى وغيرها من التسميات التاريخية)، ولكنها أساسية، ومن مآذن الجامعِ الأُمويﱢ الثلاث الأساسية، وقد شيَّدها الخليفةُ الأمويُّ (الوليدُ بن عبد الملك)، وطلاها بالذَّهبِ، وغدَّت فيما بعد أُنموذجاً للمآذن في بلاد الشام، وشمالِ أفريقيةَ، ونُقِلَ طِرازها إلى الأندلس.
وتُعَدُّ أقدمُ مئذنةٍ مازالت قائمةً، وقد خضعت للترميمِ في العصرِ العباسي والأيوبيِّ والمملوكيِّ والعثماني، ومشى من تحتها صلاحُ الدِّين الأيوبي، وجُلُّ زعماءِ التّاريخ الإسلاميِّ ينظرون إليها كجزءٍ من فنونِهم وتراثِهمُ الإسلاميﱢ، ولم يخطرُ ببالهم يوماً أنَّ أجيالاً ستخرجُ بعد سايكس بيكو تتنصَّلُ من شارةَ النجمةِ السُّداسيَّةِ، بل وتتحسَّسُ منها، وبئس المصير! وقد يَخرجُ أحدهم، وغَرَضُهُ التشويشُ، يدعيِّ أنﱠ المسجدَ الأمويﱠ كان كنيساً أو كنيسةً قبل فتح بلادِ الشام، ونُذَكِّـرُ بأنﱠ الكنائسَ المسِّيحيةَ واليهوديةَ لا مئذنةَ لها تاريخيًّا وحاضراً، وهي من خصائصُ المسجدِ لغَرَض الأذانِ، ولا سيِّما أنﱠ المسجدَ الأمويَّ لم يكن بهذا الحجم في عهدِ الفتح، وقد بناه الوليدُ مُشيّداً بهذا العُمرانِ مع مئذنةِ العروسِ الشَّهيرة.
وأمَّا الطَّامةُ الكبرى فكانت في تخلِّي الأمة الإسلامية عن رمزية النجمة السداسية، تراثيًّا وثقافيًّا، بَعدَ سطوِ الكيان الصهيوني عليها مطلعَ القرنِ العشرينَ.
وليس عجيبًا أن يحدث هذا الأمر في ظلِّ الأنظمة العربيّةِ التي تعايشت وتماشت مع مفرزاتِ ما تمخضَ عن الثقافات الدخيلة، ومشروعِ سايس بيكو، وغيره من المشاريع الاستعمارية، فكان من نتيجة كل ذلك أن عُزِلَ وَطُمِسَ كلُّ ما يتعلقُ بالنَجمَة السُّداسيةِ في المناهجِ التعليميةِ والدَّينية.
وقد بلغَ الجهلُ لدى الكثيرين أن يعتقدوا، حين تَقعُ أعينُهم على النّجمةِ السداسية، المنحوتةِ على جدران المساجدِ، أنّها نجمةُ داود، كَمَا زَعَمْتَ وروَّجَت الآلة الإعلاميّة الصُّهيونّية، وهذا الأمرُ عزَّزَ قناعةً لدى الأجيال الحاليَّة بأنّها نجمةُ اليهودِ، والبعضُ الآخرُ يربطُها بالماسونيَّةِ، إلى آخر هذه النَّظرياتِ العبثيةِ التّي لا أساس لها من الصّحةِ.
ويجدر بالذكر أن المحافلُ الماسونيةِ تستخدم حتى النجمة الخماسيةَ بكثرةٍ، فلا يُعقلُ أن يتنازل المسلمون عن رموزهم ومدلولاتها بمجرَّد أن غير المسلمين يتخذونها شعارات لهم، لما لهذا الأمر من خطر يتمثَّل في الشك والريبة حول انتمائنا وتراثنا.
– ونحن في هذا النهج للأسف مثل صاحبِ مالٍ، سُرق منه مالُه، وبدلاً من الدفاعِ عن حقِّهِ استحيا من المطالبةِ به، مُقرّاً بحقِّ السّارقِ فيما سرقَ، ثّمّ تنازل عنهُ دون أدنى مقاومةٍ، ولا نستبعدُ بعدَ هذا المسخِ الثقافي مستقبلاً خروجَ بعضِ الأصواتِ التي تدّعي أنﱠ المسجدَ الأمويﱠ من التراثِ اليهوديﱢ، بسبب النجمة السداسية المنقوشةِ على مئذنته.
– البُعدُ الزّمنيُّ والبحثُ العلميُّ فيما يتعلق بالنجمةِ السداسيةِ
لم تتوصَّل الأبحاثُ إلى دليلٍ بأن اليهودَ استخدموا النجمة السداسية قبل أكثر من مئتي عام، على حين أن المسلمين استخدموا النجمةَ السُّداسيةَ منذ 1400 عام على الأقل، وهذا بالدَّليلِ الملموسِ القائم حتى اللحظة في حضارتنا ومدننا.
قد تَسمعُ وتَقرأ عن تشعُّبِ هذا الموضوع كثيراً: نجمة داود، خاتم سليمان، درع داود قبل الميلاد، نجمة عشتار، السُّومريون، وكلُّ هذا يدخلُ ضمنَ البحثِ الافتراضيِّ مُبعثَراً هنا وهناك، قد يخرجُ علينا أحدهم بجلبِ قطعةٍ لا تُعَرفُ أرضُها ولا مكانها، ومن الصعب اعتمادها كدليل مرتبطٍ باليهودِ، بينما لدى الأُمّة الإسلاميَّة أدلةُ ملموسةُ بين أيديها ماثلةٌ في عمرانها وحضارتها، نمشي تحتها اليومُ، وننظرُ إليها كما نظرَ إليها أسلافنا.
– البُعدُ الرُّوحي للنجَّمة السُّداسَّية الإسلاميّةِ نسردُ وببساطة جزءاً من البعدِ الرُّوحيﱢ للنَّجمة السُّداسية لدى المذاهبِ والفرقِ الإسلاميَّة تاريخيّاً، ولكلٍّ منهم اعتقادٌ، وإشارةٌ روحيةٌ فيها.
وقد اختصَّ جمهورُ أهلِ السُّنةِ في تخصيصِ إشارةٍ لكلِّ ضلعٍ في النّجمةِ السُّداسيَّةِ، منها إشارةٌ يحملها الضّلع الأولُ من النجمةِ، موجهاً إلى الأعلى تجاهَ السماءِ، يُوضعُ فيه اسم الجلالةِ ( الله )، ومن ثَمَّ اسم ( محمد ﷺ)، ثم ( اسم الخلفاء الرّاشدين الأربعة)، وهنا لا يمكنُ استخدامُ النَّجمةِ الخُماسيّةِ أو السُباعيّة، لأن الأسماء المطلوبَ ذكرُها في محتواها عددها ستة، وهذا يستوجبُ لكلِّ اسمٍ ضلعًا، فتحتاجُ هذه المعادلةُ لنجمةٍ مؤلفةٍ من ستةِ أضلاع: لتتحقق بموجبها الغاية الحسابيّة والهندسية.
وبعضُ الفِرَقِ الإسلاميةِ ربطتْ النجمةَ السُّداسَّيةَ بأسماءِ مَن يعتقدون بهم أَنهم امتدادٌ لرسالة الله الواحد الأحد، والأمثلةُ كثيرةٌ عن أصلِ لجوءِ المسلمين إلى النجومِ، وعلاقتِها بالفنونِ الإسلاميةِ…
– النجمة بشكلها العام في الفن الإسلامي،قد حظيت النجمةُ في الإسلام بالمكانة العاليّةِ، والمنزلة السَّاميَّةِ، وكيف لا يكونُ ذلكَ وقد جاء ذكرها في القُرآنِ الكريم ِبلفظها المُفرد، وبصيغة الجمع، بل نزلتْ سورةٌ كاملةُ تُسمى سورة النّجم ِرقمها حسب ترتيب سورِ المُصحف الشريف ( 53 )، ومن الآيات التي ذُكِرت فيها النجوم قوله تعالى:
📍( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) الآية 16 من سورة النحل.
📍( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ) الآية 1 من سورة النجم.
📍( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) الآية 6 من سورة الرحمن.
📍( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) الآية 3 من سورة الطارق.
📍( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) الآية 97 من سورة الأنعام.
📍( وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ) الآية 54 من سورة الأعراف.
📍( وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ) الآية 12 من سورة النحل.
📍( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) الآية 88 من سورة الصافات.
📍( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) الآية 49 من سورة الطور.
📍( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) الآية 75 من سورة الواقعة.
📍( فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ) الآية 8 من سورة المرسلات.
📍( وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) الآية 3 من سورة التكوير.
ففي هذه الآيات يُبيّنُ الله تعالى لنا الاهتداء بالنُّجوم في معرفة الاتجاهات، وهُوُيَّ النَّجمِ وسجودَهُ، وأنهُ ثاقبٌ؛ أي مُضيءٌ يثقبُ الظَّلام بضوئهِ، ويُهتدى به في ظلمات البرِّ والبحرِ، وأنّها مُسخرةٌ بأمره جلَّ جلالهُ، مع التكرار بأنَّ نبيَّهُ إبراهيمَ نظرَ إليها إيهاماً لقومهِ لكونهم كانوا يعتمدونَ عليها، وأمرَ جَلَّ جَلالُهُ بتسبيحهِ عقبَ غُروبِها؛ أيّ الصَّلاة، وأقسمَ بمساقِطها أي منازلها عند غروبها، وبيَّنَ مصيرها يوم القيّامة بانمحاء نورِها، وأنّها تنقضي وتتساقط على الأرض، كمّا أن هُناك ارتباطاً وثيقاً بين عبادات الإسلام ِ، وبين العالمِ العَلويِّ من نجوم ٍوفلكيّات، وكون اختلافِ المطالع منْ غُروبٍ وشروقٍ شرطاً لاتباعِ بلدٍ لبلدٍ قد رُئيَّ فيه هلالُ رمضان، وكذلكَ في بعض المعاملاتِ الماليّة عندما تكون الكتابةُ المشروطةُ على نجوم متفرقةٍ كأنّها استُعيرت من نجوم السماءِ المُتفرقةِ إلى غيرِ ذلكَ.
أمّا علمُ الفلك فلهُ مدرسةٌ مستقلةٌ نُدركُ ذلكَ عندما نرى أنّ من أشهر صورِ النجومِ في قبةِ الفلكِ ثمانيًا وأربعينَ صورةً، منها إحدى وعشرون صورة في الشَّمالِ، وخمس عشرة صورة في الجنوبِ، واثنتا عشرة صورة في الدائرةِ الفلكيّةِ التي تمرُّ بِسمَتِها الشّمسُ في مسيرها السّنويّ، مع تسجيل فروقِ الساعاتِ بكلَّ شهرٍ في وقتِ طلوعِ النّجومِ.
كما أن النّظرَ في العالم العُلويِّ، والسّماءِ وما حوَتْ، والنجومِ وما انطوَتْ، مُدعاةٌ للتَّفكُّر في المخلوقاتِ والدلالةِ على عظمةِ الخالقِ جلَّ جلالهُ،كلُّ ذلك جعل الإنسان المُسلم يستلهمُ التّوحيدَ عندما ينظرُ إلى النجمةِ من منظارهِ البصريِّ، ويُردِّدُ في أثناءِ نظرهِ: ربيّ وربكمُ اللهُ، ولمّا اتجه ذهنُ المسلمُ إلى تصويرِ ما حولهُ، ولا سّيما فلكيّات العالمِ العُلويِّ، رأى تجسيدَ هذهِ النّجمة واقعاً شكليّاً على مبتكراتهِ، فهو الذي أدركَ سِرَّها الدِّينيَّ والعلميَّ، فأحبّها وأراد ألّا تكونَ في السماء، بل في الأرض معهُ، وفي كلِّ مكان حولهُ، وبمتناولِ يدهِ، فسطرها يراعُهُ على مصنوعاتهِ الحجريّة الخزفيّة والخشبيّة والمعدنيّة والجلديّة والورقيّة، وأدخلها في العناصر التزيينية، والأشكال الهندسية، فأبدع في ذلك أيَّما إبداعٍ، وأصبح فناناً موهوباً باستخدامهِ النّجمة، حتى أصبحتْ عند المسلمين جزءاً لا يتجزأُ من الفنِّ الإسلاميِّ.
لم يقتصر استخِدامُ الفنانِ المسلمِ على نجمةٍ بعينها، بل استخدم النجوم بكلِّ أشكالها من الخماسية إلى السداسيّة فالثمانيّة إلى الاثني عشريّة، فالستَّ عشريّة، وقد رسمها وقطَّعها بدقة، مراعياً أنواع الخط العربيِّ.
أما النجمةُ السُّداسيّة، التي كَثُرَ استخدامها في الفن الإسلامي، فتتألَّف من مقطعين:
1- مثلث متساوي الأضلاع زاويته إلى الأعلى.
2- مثلث متساوي الأضلاع زاويته إلى الأسفل.
وقد ضُمَّ أحدهما إلى الآخر، فأصبحا مُتجانسين، ونتج منهما هذه النّجمة السداسيةُ.
إنّ شكل هذه النّجمة الهندسيَّ، وسهولةَ رسمها، والإمعان في استعمالها، يُحَيِّر البعض فيها، وبخاصة كثرة التزيين بها على المآذن والقباب والمحاريب والجدران والمنمنمات والمسكوكات والأواني المعدنية والخشبية والزجاجية والخزفية، وحليﱢ النساء، والأسلحة، وجلود المخطوطات، والعلب والصواني والصناديق والخزن، والمنحوتات الرخامية والحجرية، والأختام بمختلف أنواعها، وغير ذلك مما تذخر به متاحف الآثار الإسلامية في شتى أنحاء العالم.
هناك تعليلٌ هندسيُّ حول هذه النجمةِ أنّها بحاجةٍ ضروريةٍ مُلحةٍ للهروب من الفراغ في الشكلِ والمضمون والمُقدمةِ والنتيجة.
لكن يعتقدُ الفنان المسلمُ بداهةً في رمزيتها وتعليلها بأنّ الزّاوية العليا للنجمة هي لاسم الله الرّب المعبود، والزاوية اليسرى في الأعلى ترمز إلى اسم محمد الرسول ﷺ، والزاوية التي تليها في الأسفل ترمز إلى اسم خليفته أبي بكر، والتي تليها في الأسفل ترمز إلى اسم الخليفة عمر، والتي تليها ترمز إلى اسم الخليفة عثمان، والأخيرة ترمز إلى اسم الخليفة علي.
فالله جل جلاله شرع الدين، ورسوله جاء به، وخلفاؤه طبقوه، وانطلقت الأمة بعدهم به.
إنّ هذه الرمزيةَ تُذَكِّر المُسلمَ بعصر النقاء عندما كان الدين صافياً خالياً من الشوائب، وهل يختلف اثنان في أن أفضل عصور الإسلام هو العصر الراشدي؟
استُخدمت النّجمة السُّداسيّة في كل العصور الإسلامية، بَدءاً بالعصر الأمويِّ فالعباسيِّ فالطولونيِّ والإخشّيديِّ والفاطميِّ والسلجوقيِّ والأيوبيِّ والمملوكيِّ والعثمانيِّ، ودول المشرق الإسلامي، وكذلك الدولَ المغاربية، كلُّهم استخدموها كشكلٍّ زُخرفيِّ هندسي تزييني، فهي إبداعٌ مُتَّقِدٌ، ومظهرٌ رائعٌ، وشكلٌ أخّاذٌ، وهي إسلامية المنشأ والاستخدام، وممّا يؤسف له إساءة الظّن بهذهِ النّجمة، وجهالةُ مَنشئِها، ودلالةُ رمزيَّتِها، واضطرابُ الباحثينَ والكُتُّابِ بشأنها،
وممّا يُؤسَف له أيضًا استخدام الكيان الصّهيوني للنجمة السداسية شعاراً مُحتكَراً، وهو يغتصبُ أرضاً عربية إسلاميةً، ويُشتتُ شعباً متجذِّراً، ويُزَوﱢرُ تاريخاً ناطقاً، أفلا يقدر على أن يغتصب نجمة إسلامية.
وأخيراً فإن رمزيةَ النجمةِ السداسية يكشفُه بوضوحٍ للعالم أجمع الأميرُ عبدُ القادرِ بختمهِ، ولا سيَّما حينَ يُظهرهُ بمُحتوياتهِ الواضِحةِ، ومكتوباتهِ الباهرةِ…
نماذج: